مسألة: قال الشافعي رحمة الله عليه: والوقت للصلاة وقتان.
الفصل وهذا كما قال: اعلم أن وقت القيام هو وقت الصلاة في حال الإقامة، ووقت الرفاهية هو وقت من لا عذر له، كما بينه جبريل عليه السلام.
والرفاهية هي: الخفض والدعاء. وأما وقت العذر والضرورة، اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: وقت العذر غير وقت الضرورة، لأن العذر ما رخص له فيه من غير أن يدفع الإنسان إليه، والضرورة ما دفع إليه من غير اختياره فوقت العذر، هو وقت المعذور بالسفر والمطر عند الجمع.
وأما وقت الضرورة، فهو وقت الصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم والمجنون إذا أفاق وغير ذلك، فهذا القائل يقول: الوقت ثلاثة: وقت مقام، ورفاهية، ووقت عذر وهو وقت الجمع، ووقت ضرورة.
وقد نص الشافعي على هذه الأوقات الثلاثة فغلط المزني فجعلها اثنين. ومن أصحابنا من قال: أصاب المزني فيما ذكر، وأراد بقوله: 2 ب/ 2، ووقت عذر وضرورة ويسر. وثلاثة أقسام قد تجعل خبرين: يقسم في خبر، ثم قسمان. وإنما صح ذلك له، لأن كل ضرورة عذر، وإن لم يكن كل عذر ضرورة، وهذا غير صحيح، لأنه ذكر في آخر الباب ما يدل على فساده، فقال: والوقت الآخر هو وقت العذر والضرورة، ثم فسر بطهر الحائض وإفاقة المجنون، فثبت أنه أراد بهما وقتا واحدا.
وقال أبو إسحق: وقت العذر والضرورة واحد، لأن كل ضرورة عذر، وهو وقت الصبي إذا بلغ وغيره، ولم يذكر في جملتهم المسافر والممطور، بل ذكر ذلك في باب الجمع. وهذا أصح، لأن الشافعي قال: الوقت للصلاة وقتان، وفسره بكذا في آخر الباب.
ونسب المزني هذه العبارة إلى الشافعي، وهو صادق في الرواية، فإذا تقرر هذا، فالكلام الآن في بيان وقت الصلاة وقد بدأ الشافعي في "القديم" بيان وقت صلاة الصبح أولاً، وعليه كل الفقهاء، وبدأ في "الجديد" ببيان وقت الظهر أولاً، وهذا أولى، لأنه اعتمد في بيان الأوقات على خبرين أشار إليهما في آخر هذا الفصل.