أحدهما: أن لا يكون لهما مع التنازع بينة ففي سماع دعواهما ما ذكرنا من الثلاثة الأوجه:
أحدها: أنها غير مسموعة إلا ببينة سواء كانتا من ذوات الأزواج أو من الخلايا.
والثاني: أنهما إن كانتا من ذوات الأزواج لم تسمع دعواهما إلا ببينة وإن كانتا من الخلايا سمعت دعواهما بغير بينة وإن كان إحداهما ذات زوج والأخرى خلية كانت دعوى الخلية مسموعة ودعوى ذات الزوج مدفوعة إلا ببينة.
والثالث: أن دعواهما معًا مسموعة سواء كانتا من ذرات الأزواج أو الخلايا فعلى هذا إذا سمعت دعواهما وأقامتا على تنازعهما أو عدمت بينتاهما ففي الذي يحكم به فيهما وجهان:
أحدهما: أنهما يريان القافة مع الولد فبأيهما ألحقوه ألحق بها وفي لحوقه بزوجها وجهان:
أحدهما: يلحق به إلا أن ينفيه باللعان، لأن القافية كالبينة بخلاف الدعوى المجردة.
والثاني: أنه لا يلحق به كالدعوى المجردة إلا أن يصدقها على ولادته فيصير لاحقًا به فإن عدمت القافة كان الولد موقوفًا بينهما إلى أن ينتسب عند بلوغه زمان الانتساب إلى إحداهما ويكون حكمهما فيه كحكم الرجلين إذا تنازعاه على العمل على القافة وإن وجدوا أو انتساب الولد إن عدموا.
والوجه الثاني: وهو قول ابن أبي هريرة أنه لا مدخل للقافة في إلحاق الولد بأمه وإنما يحكم بهم في إلحاقهم بالأب دونها والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الولد يعرف أمه يقينًا فلم يحتج إلى الحكم بالشبه ولا يعرف أباه ظنًا فاحتيج إلى الحكم بالبه.
والثاني: وهو فرق استدلال أن حكم القافة لما فيه من مباينة الأصول فكان مقصورًا على ما ورد فيه النص من إلحاقه بالأب دون الأم ويكون تنازع المرأتين في يوجب وقوفه بينهما حتى ينتسب عند البلوغ إلى إحداهما، والوجه الأول أصح، لأن الله تعالى يقول: {إنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيه} الإنسان: 2 يعني إخلاطًا. قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: لاختلاط ماء الرجل بماء المرأة. وقال تعالى: {خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ 6 يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ والتَّرَائِبِ} الطارق: 6 - 7 يعني أصلاب الرجال وترائب النساء وهي الصدور وقيل هي الأضلاع وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل كان الشبه للخؤولة، وإذا سبق ماء الرجل كان الشبه للعمومة "فحصل للأم في الولد شبهًا كالأب، ولأن الولد