والخامسة: بنت هي أخت فإن كانت الجدة أم الأم فإن الأخت لا تكون إلا الأم ولا يخلو حال من وجد من ورثة الميت في هذه المسألة أن يورث معهم بكل واحدة من هاتين القرابتين أم لا، فلإن كانوا ممن يرث معهم الأخت والجدة فقد اختلف أصحابنا هل ترث هذه بأنها جدة أم بأنها على وجهين:
أحدهما: ترث بأنها جدة؛ لأن الجدة ترث مع الأب والابن والأخت تسقط مع الأب والابن.
والثاني: أنها ترث بأنها أخت، لأن ميراث الجدة طعمة وميراث الأخت نص، ولأن فرض الجدة لا يزيد بزيادة الجدات وفرض الأخت يزيد بزيادة الأخوات، ولأن الأخوات يرثن بالفرض تارة، وبالتعصيب أخرى، والجدات لا يرثن إلا بالفرض فلهذه المعاني الثلاث صارت الأخت أقوى من الجدة.
فأما إن كان الورثة ممن يورث معهم بإحدى هاتين القرابتين فهذا ينظر فإن كان التوارث معهم يكون بالتي جعلناها أقوى القرابتين مثل أن يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الأخت دون الجدة فهذه ترث معهم بالقرابة التي غلبناها وجعلناها أقوى وإن كان التوارث معهم بالقرابة التي جعلناها أضعف مثل أن يغلب توريثها بأنها جدة وهم ممن ترث معهم الجدة دون الأخت أو يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الأخت دون الجدة كالأم والبنت أو يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الجدة دون الأخت كالأب والابن ففيه وجهان:
أحدهما: أنها تورث معهم بالقرابة التي لا تسقط معهم، لأن القرابة الأخرى إن لم تزدها خيرًا لم تزدها شرًا، ولا يداعي حكم الأقوى في هذا الموضع كالمشاركة.
والثاني: أن يسقط توريثها بأضعفهما إذا لم ترث بالأقوى؛ لأن أقواهما قد أسقط حكم أضعفهما حتى كان الإدلاء بالأضعف معدومًا والله أعلم بالصواب.
باب ميراث الخنثىقال الشافعي: الخنثى هو الذي له ذكر كالرجال وفرج كالنساء أو لا يكون له ذكر ولا فرج ويكون له ثقب يبول منه، وهو وإن كان مشكل الحال فليس يخلو أن يكون ذكرًا أو أنثى، وإذا كان كذلك، نظر، فإن كان يبول من أحد فرجيه فالحكم له، وإن كان بوله من ذكره فهو ذكر يجري عليه حكم الذكور في الميراث وغيره، ويكون الفرج عضوًا زائدًا وإن كان بوله من فرجه فهو أنثى يجري عليه أحكام الإناث في الميراث وغيره ويكون الفرج عضوًا زائدًا لرواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن مولود له ما للرجال وما للنساء فقال صلى الله عليه وسلم: "يورث من حيث يبول".وروى