له بمثل نصيبه النصف، لأنه نصف نصيب الابن، وجب أن يستحق مع البنت الواحدة النصف من النصف، لأنه نصف نصيبها.
والوجه الثاني: وهو أصح له الثلث، لأنه يصير مع البنت الواحدة، كبنت ثانية، كما يصير مع الابن الواحد كابن ثان وللواحدة من البنتين الثلث وكذلك للموصي له بمثل نصيب البنت الواحدة الثلث. وعلى هذا: لو أوصي بمثل نصيب أخت مع عم، كان فيما يستحقه بالوصية وجهان: وهكذا: لو لم يرث مع البنت والأخت غيرها، لأن لكل واحدة منهما لو انفردت النصف، والباقي لبيت المال. فعلي هذا: لو وصي بمثل نصيب أخ لأم، فله في أحد الوجهين نصف السدس، وفي الآخر السدس والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو قال ضعف ما يصيب أحد ولدي أعطيته مثله مرتين. وإن قال: ضعفين، فإن كان نصيبه مائة أعطيته ثلثمائة فكنت قد أضعفت المائة التي تصيبه بمنزلة مرةٍ بعد مرةٍ».
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا وصي لرجل بمثل ضعف نصيب أحد أولاده، كان الضعف مثل أحد النصيبين. فإن كان نصيب الابن مائة كان للموصي له بالضعف مائتين، وبه قال جمهور الفقهاء وبه قال الفراء، وأكثر أهل اللغة.
وقال مالك: الضعف مثل واحد، فسوي بين المثل والضعف. وبه قال من أهل اللغة أبو عبيدة معمر بن المثني استدلالًا بقوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَاتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ} الأحزاب: 3 - فلما أراد بالضعفين مثلين، علم أن الضعف الواحد مثل واحد. واستدلوا على أن المراد بضعفي العذاب مثليه بأنه لا يجوز أن يعاقب على السيئة بأكثر مما يجوز على الحسنة.
وقال الله تعالى في نساء النبي: {ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} الأحزاب: 31 فعلم أن ما جعله من ضعف العذاب على السيئة مرتين، فدل على أن الضعف والمثل واحد والدليل على أن الضعف مثلان هو اختلاف الأسماء توجب اختلاف المسمي إلا ما خص بدليل، ولأن الضعف أعم في اللغة من المثل، فلم يجز أن يسوي بينه وبين المثل. ولأن انشقاق الضعف من المضاعفة، والتنبيه من قولهم أضعف الثوب إذا طويته بطاقتين ونرجس مضاعف: إذا كان موضع كل طاقة، طاقتين ومكان كل ورقة، ورقتين فاقتضي أن يكون الضعف مثلين. وقد روي أن عمر -رضي الله عنه- أضعف الصدقة على نصاري بني تغلب، أي أخذ مكان الصدقة صدقتين، ويدل عليه قول الشاعر عبد الله بن عامر:
وأضعف عبد الله إذا كان حظه على حظ لهفان من الخرص فاغر