والوجه الثاني: أنها للورثة، لأنها بدل من الرقبة.
والوجه الثالث: أنها مقسطة بين مالك المنفعة ومالك الرقبة عن قدر القيمتين، كما ذكرنا من قبل في تقويم المنفعة.
والوجه الرابع: أنه يشتري بقيمته عبد مثله يكون مكانه، وعلى حكمه فتكون رقبته للورثة، ومنافعه للموصي له، والله أعلم.
فصل: إن كان الموصي بمنافعه أمة: جاز أن تزوج لاكتساب المهر ويملك الولد، وفي مستحق تزويجها ثلاثة أوجه:
أحدها: مالك المنفعة؛ لأن المهر له.
والثاني: مالك الرقبة، لأن الملك له.
والثالث: ليس لواحد من مالك المنفعة والرقبة أن ينفرد بتزويجها، حتى يجتمعا عليه معًا، لأن لكل واحد منهما فيها حقًا، فإذا تزوجت كان مهرها لمالك المنفعة، ولأنه من كسبها المألوف، فإن جاءت بولد ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون للموصي له بمنافعها، لأنه من كسبها.
والثاني: أنه للورثة، لأنه عبد معهود من كسبها، وأنه تابع لرقبتها.
والثالث: لا أنه يكون في حكم الأم، رقبته للورثة، ومنافعه للموصي له، لأن حكم الولد حكم أمه.
فإن أراد الموصي له بالمنفعة وطء الأمة، لم يجز، لأنه لا يملكها، وإن وطأها حد المستأجر في وطئها، لأن الإجارة تناولت الخدمة وليس الوطء خدمة والوصية تناولت المنفعة، والوطء منفعة، وإنما منع لأجل الرقبة، ثم لا مهر عليه، لأن مهرها لو وجب لصار إليه. فإن جاءت بولد كان حرًا لاحقًا لمكان الشبهة وفي قيمته ثلاثة أوجه:
الأول: قيمته لمالك المنفعة.
والثاني: قيمته للورثة، إذا قيل إن الولد يكون لهم.
والثالث: أن يشتري بقيمة الولد من يكون كالأم ملكًا، للورثة رقبته، وللموصي له منفعته، ولا تكون أم ولد الموصي له، لأنه لا يملكها.
فإن ملكها من ثاني حال، ففي كونها له أم ولد بذلك الولد قولان: فأما إن وطئها مالك الرقبة، وهو الوارث، فلا حد عليه، وإن كانت محرمة عليه، لمكان الشبهة في ملكه للرقبة، وعليه مهرها للموصي له بالمنفعة، ويكون ولده منها حرًا، يلحق به. وفي قيمته ثلاثة أوجه:
أحدها: لا قيمة عليه، إذا قيل إنها له.
والثاني: عليه قيمتها للموصي له، إذا قيل إنها له.
والثالث: أن يشتري بالقيمة من يكون مكانه وفي حكم الأم.