من الثلث، فإن احتمله نفذت الوصية بجميع الثمرة أبدًا ما بقي البستان، وإن احتمل بعضه كان للموصي له قدر ما احتمله الثلث يشارك فيه الورثة مثل أن يحتمل النصف فيكون للموصي له النصف من ثمرة كل عام، وللورثة النصف الباقي وإذا احتمل الثلث جميع القيمة، وصارت الثمرة كلها للموصي له، فإن احتاجت إلى سقي، فلا يجب على الورثة السقي، بخلاف بائع الثمرة، حيث وجب عليه سقيها للمشتري إذا احتاجت إلى السقي، لأن البائع عليه تسليم ما تضمنه العقد كاملًا، والسقي من كماله وليس كذلك الوصية، لأن الثمرة تحدث على ملك الموصي، ولا يجب على الموصي له سقيها، لأنها بخلاف نفقة العبد، لأن نفقة العبد مستحقة لحرمة نفسه، بخلاف الثمرة. وكذلك لو احتاجت النخل إلى سقي: لم يلزم واحد منهما. وأيهما تطوع به لم يرجع به على صاحبه، فإن مات النخل، أو استقطع فأجذاعه للورثة دون الموصي له، وليس للموصي له أن يغرس مكانه ولا إن غرس مكانه نخيلًا، وكان للموصي فيه حق، لأن حقه في النخل الموصي له به دون غيره.
والثاني: أن يوصي بثمر له مدة مقدرة.
كأن أوصي له بثمرة عشر سنين، فمن أصحابنا من ذهب إلى بطلان الوصية مع التقدير بالمدة. بخلاف المنفعة، لأن تقويم المنفعة المقدرة ممكن وتقويم الثمار المقدرة بالمدة غير ممكن.
وذهب سائر أصحابنا إلى جوازها كالمنفعة، وفيما يقوم في الثلث وجهان:
أحدهما: أنه يقوم البستان كامل المنفعة، ويقوم مسلوب المنفعة، ثم يعتبر ما بين القيمتين في الثلث.
والثاني: أن ينظر أوسط ما يثمره النخل غالبًا في كل عام، ثم يعتبر قيمة الغالب من قيمة الثمرة في أول عام، ولا اعتبرا بما حدث بعده من زيادة ونقص، فإن خرج جميعه من الثلث، فقد استحق جميع الثمرة في تلك المدة. وإن خرج نصفه. فله النصف من ثمرة كل عام، إلى انقضاء تلك المدة وليس له أن يستكمل هذه كل عام في نصف تلك المدة، لأنه قد تختلف ثمرة كل عام في المقادير والأثمان، فخالف منافع العبد والدار. ومثل الوصية بثمرة البستان: أن تكون له ماشية فيوصي لرجل برسلها ونسلها. وتجب نفقة الماشية، كوجوب نفقة العبد، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو كان أكثر من الثلث فأجاز الورثة في حياته لم يجز ذلك إلا أن يجيزوه بعد موته».
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا أوصي بأكثر من ثلثه، وسأل وارثه إجازة