أحدهما: أن له حكمًا مخصوصًا، ويصح أن يكون معلومًا، وأن الحامل إذا بيعت يقسط الثمن عليها، وعلى الحمل المستجد في بطنها، لأنه لما صح أن يعتق الحمل فلا يسري إلى أم ويوصي به لغير مالك الأم، دل على اختصاصه بالحكم وتمييزه عن الأم.
والثاني: أن الحمل يكون تبعًا لا يختص بحكم ولا يكون معلومًا؛ لأنه لما سري عتق الأم إليه صار تبعًا لها كأعصابها، ولما جاز أن يكون موجودًا أو معدومًا: لم يجز أن يكون معلومًا فهذه مقدمة.
والثانية: وهي أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر لا يجوز أن يحيي ولد وضع لأقل من ستة أشهر اعتبارًا بالعرف المعهود ثم بالنص الوارد. قال تعالى: {وحَمْلُهُ وفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} الأحقاف: 15.
فلما كان الفصال حولين كاملين، دل على أن الستة الأشهر الباقية هي أقل مدة الحمل. فإن ولدت زوجة رجل لأقل من ستة أشهر من عقد نكاحها، وولدت أمة لأقل من ستة أشهر من وطء سيدها: كان الولد منتفيًا عنه، وغير لاحق به.
والثالثة: ملك الوصية متى يحصل للموصي له، ويدخل في ملكه؟ وفيه قولان منصوصان:
أحدهما: أنه يملك الوصية بالقبول. واختلف أصحابنا فيما قبل القبول وبعد الموت، على هذا القول، هل تكون باقية على ملك الموصى، أو داخلة في ملك الورثة على وجهين:
أحدهما: وهو قول ابن سريج وأكثر البصريين، أن ملك الوصية منتقل عن الميت إلى ورثته، ثم بالقبول يدخل في ملك الموصي له لزوال ملك الموصي بالموت.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، وأكثر البغداديين أن الوصية باقية على ملك الموصي بعد موته حتى يقبلها الموصي له فتدخل في ملكه بقبوله، وتنتقل إليه عن الموصي، لأن الوصية تملك عنه كالميراث. ووجه هذا القول، بأن الوصية تملك بالقبول هو أنها عطية فلم يجز أن يتقدم الملك على قبولها كالهبات. قال الشافعي: «وهذا قول ينكسر».
والثاني: وهو أصحهما أن القبول يدل على حصول الملك بالموت، فيكون الملك موقوفًا، فإن قبل حمل على تقدم ملكه. وإن لم يقبل دل على عدم ملكه. ووجه هذا القول: هو أنه امتنع أن يبقي للميت ملك. وأن الوارث لا يملك الإرث، اقتضي أن يكون الملك موقوفًا على قبول الموصي له ورده وحقه في القبول باق، ما لم يعلم.
فإن علم، فإن كان عند إنقاذ الوصايا، وقسمة التركة فقبوله على الفور فأقبل، وإلا بطل حقه في الوصية، فأما بعد علمه، وقبل إنفاذ الوصايا وقسمة التركة، فمذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه، أن القبول فيه على التراخي، لا على الفور. فيكون ممتدًا ما لم