أحدهما: يضمن ثلث الثلث.
والثاني: أنه يضمن أقل ما يجزئه أن يعطيه ثالثًا ويكون ذلك خاصًا بغارمي بلد المال، ومن كان منهم ذا رحم، أولى لما في صلتها من زيادة الثواب، فإن لم يكونوا فجيران المال، لقوله تعالى: {والْجَارِ ذِي القُرْبَى والْجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} النساء: 36.
ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».
قال الشافعي: «وأقصى الجوار بينهم أربعين دارًا، من كل ناحية» أهـ. هكذا لو أوصي لجيرانه كان جيرانه منتهي أربعين دارًا من كل ناحية.
وقال قتادة: الجار: الدار والداران.
وقال سعيد بن جبير: الذين يسمعون الإقامة.
وقال أبو يوسف: هم أهل المسجد.
ودليلنا: ما روي أن رجلًا كان نازلًا بين قوم فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشكوهم، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعمر وعليًا رضي الله عنهم، وقال: اخرجوا إلى باب المسجد، وقولوا: ألا إن الجوار أربعون دارًا».
فصل: ولو أوصي بإخراج ثلثه في سبيل الله وجب صرفه في الغزاة، كما قلنا في الزكاة، ويصرف ذلك في ثلاثة فصاعدًا من غزاة البلد الذي فيه ماله، على حسب مغازيهم، في القرب، والبعد، ومن كان منهم فارسًا، أو راجلًا، فإن لم يوجدوا في بلد المال، نقل إلى أقرب البلاد فيه.
فصل: ولو أوصي بإخراج ثلثه في بني السبيل صرف فيمن أراد سفرًا، إذا كان في بلد المال سواء كان مجتازًا، أو مبتدئًا بالسفر.
فلو أوصي بثلثه في الأصناف الثمانية: صرف فيهم وهم أهل سهمان الزكاة وقسم بين أصنافهم بالتسوية وجاز تفضيل أهل الصنف، بحسب الحاجة، كما قلنا في الزكاة، إلا في شيء واحد وهو أن الزكاة إذا عدم صنف منها، رد على باقي الأصناف، وإذا عدم في الوصية أهل صنف لم يرد على باقي الأصناف ونقل إلى أهل ذلك النصف في أقرب بلد يوجد فيه، فإن عدموا، رجع سهمهم إلى ورثة الموصي.
والفرق بين الوصية والزكاة: أن الوصية لما تعينت للأشخاص، تعينت للأصناف، والزكاة لما لم تتعين للأشخاص، لم تتعين للأصناف.
فصل: ولو قال: اصرفوا ثلثي في سبيل الخير، أو في سبيل البر، أو في سبيل الثواب.