إذا شاء فيرسله إذا شاء». وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «حمي يوم كفارة سنة» وقد قيل إنه يضرب بها عروق البدن كلها وهي ثلاثمائة وستون عرقًا فجعل كل عرق لكل يوم من أيام السنة التي هي ثلاثمائة وستون يومًا فإن صارت الحمي عند استمرارها رفعًا فهي غير مخوفة، لأن ما يحدث من القوة في أيام الاستراحة يكون خلفًا مما ذهب بها في يوم النوبة فصارت القوة محفوظة فزال الخوف.
فأما إذا اقترن بما لا يكون مخوفًا من حمي يوم أو يومين ببرسام أو ذات الجنب أو وجع الخاصرة، أو القولنج، فقد صار مخوفًا.
فإن قيل: هذه الأمراض بانفرادها مخوفة فيكف جعلها الشافعي مع حمي يوم أو يومين مخوفة، فلأصحابنا عنه جوابان:
أحدهما: أنه أراد من هذه الأمراض ما كان منها لا يكون بانفراده مخوفًا. فإذا اقترن بحمي يوم أو يومين صار مخوفًا.
والثاني: أن من حمي حمي يوم فهو كالصحيح ولا يكون مخوفًا عليه إلا أن تحدث به هذه الأمراض التي يصير حدوثها بالصحيح مخوفًا.
وهكذا حمي الربع إذا اقترن بها هذه الأمراض صارت مخوفة فأما الرعاف فإن قل ولم يستقر فهو غير مخوف؛ لأنه قد يكون من غلبة الدم زيادته فبطلت من منافذ الجسد ما يخرج منه وإن كثر واستمر فهو مخوف، لأنه قد ينزف دمه، والدم هو قوام الروح ومادة الحياة.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «وإن سهل بطنه يومًا أو اثنين وتأتي منه الدم عند الخلاء لم يكن مخوفًا فإن استمر به بعد يومين حتى يعجله أو يمنعه النوم أو يكون البطن متحرقًا فهو مخوفٌ فإن لم يكن متحرقًا ومعه زخير أو تقطيع فهو مخوف».
قال في الحاوي: أما سهل البطن، يوم أو يومين، إذا لم يكن البطن متحرقًا ولا وجد معه وجعًا، لم يكن مخوفًا، لأنه قد يكون من فضله في غذاء أو خلط في بدن، ولأن الصحيح، قد يققصد إسهال بطنه بشرب الدواء المطبوخ، لإخراج الخلط الفاسد، فما أجاب به الطبع من ذلك، فهو أدل على الصحة. فأما إن استدام به الإسهال صار مخوفًا، لأنه تضعف معه القوة ولا يثبت معه الغذاء.