فلو اختلف المعطي والوارث في المرض عند اعوزاز البينة، فادعي الوارث أنه كان مخوفًا، وقال المعطي غير مخوف: فالقول فيه قول المعطي مع يمينه دون الوارث لأمرين:
أحدهما: أننا على يقين من تقدم السلامة، وفي شك من حدوث الخوف.
والثاني: أنه مالك لما أعطي فلا ينزعه بعضه بالدعوى.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «ومن ساوره الدم حتى تغير عقله أو المرار أو البلغم كان مخوفًا فإن استمر به فالج فالأغلب إذا تطاول به أنه غير مخوف».
قال في الحاوي: أما مساورة الدم يعني به ملازمة الدم وغلبته. ومنه قول الشاعر:
فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع
ومساورة الدم هو ما يسميه الطب: الحمرة وهو أن يغلب الدم بزيادته فلا يسكن بالفصد، وربما حدث منه الخناق والذبحة فيوصي صاحبه فهو مخوف.
وأما المراد إذا غلب عليه فهو مخوف، فإن انقلب المرار إلى السوداء فهو غير مخوف، لأن السوداء قد تفضي بصاحبها إلى أحد أمرين، إما تغير العقل، وإما ظهور حكة وبثور، وذلك في الأغلب غير مخوف.
وأما البلغم إذا غلب فمخوف، فإن استمر فصار فالجًا فهو غير مخوف، لأن المفلوج قد تسترخي بعض أعضائه فيعيش دهرًا.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «والسل غير مخوف».
قال في الحاوي: وهذا صحيح؛ لأن السل قد يطول بصاحبه فيعيش المسلول دهرًا لاسيما إذا كان شيخًا، وقد ذكرنا أن المخوف ما كان موحيًا، فإن استدام بصاحبه حتى استسقي وسقط فهو مخوف، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «والطاعون مخوف حتى يذهب».