والقول الثالث: الأشبه ذكره عنه البويطي وحرملة، أن العتق في حصة الشريك موقوف مراعي فإذا دفع القيمة بان أن العتق وقع باللفظ، وإن لم يدفعها بان أنه لم يزل عن الرق.
ونظير هذه الأقاويل في ملك المبيع متى ينتقل عن البائع إلى المشتري على ثلاثة أقاويل: أحدها: بالعقد قبل مضي زمان الخيار. والثاني: بالعقد وانقضاء الخيار. والثالث: أنه موقوف مراعي.
فإن تم البيع بان أنه كان مالكًا بنفس العقد، وإن لم يتم البيع بان أنه لم يكن مالكًا.
فإذا قيل بالقول الأول أنه يعتق عليه باللفظ قبل دفع القيمة وهو المشهور من مذهبه فدليله رواية ابن أبي مليكة عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان العبد بين رجلين فاعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله» ولأن فيه الحصة معتبرة وقت عتقه فدل على نفوذ العتق فيها بلفظة.
وإذا قيل بالقول الثاني: أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة فدليله رواية عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أيما عبد كان بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرًا قول عليه قسمة عدل ليست بوكس ولا شطط ثم يعق» ولأن العتق عن عرض فتحريمه يدفع العوض كالكتابة.
وإذا قيل بالقول الثالث: أن العتق موقوف مراعي فدليله أن تعارض الروايتين يقتضي الوقف والمراعاة لاستعمال الخبرين، ولأن في الوقف إزالة الضرر عن الشريك والعبد فكان أولى من إدخاله على الشريك بتعجيل العتق أو على العبد بتأخيره، ويكون وقف عتقه على هذا القول كمن أعتق عبده في مرض موته وله مال غائب لا يعلم أيسلم فيخرج العتق من ثلثه، أو يتلف فلا يخرج من ثلثه كان تحرير عتقه بعد موته موقوفًا على سلامة ماله، فإن سلم عتق جميع العبد من حين تلفظ بعتقه وإن تلف ماله بان أنه لم يعتق منه إلا ثلثه، وأن باقيه لم يزل موقوفًا.
فصل
فأما المزني، فإنه اختار أِهر هذه الأقاويل وهو الأول أن حصة الشريك تعتق بلفظ المعتق، وتكون القيمة في ذمته حتى يؤديها، وتكلم على قيمته فصولًا بعضها تحقيق لمذهبه وبعضها نصرة لصحته.
فالفصل الأول: قال المزني بالقول الأول في كتاب الوصايا في العتق وقال في كتاب اختلاف الأحاديث يعتق يوم تكلم بالعتق وهكذا قال في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلي فجعل المزني تكرار هذا القول في هذه المواضع التي لم يذكر غيره فيها إثباتًا له ونفيًا لغيره، وليس الأمر على ما توهم لأن أقاويله إذا فرقت لم يحتج إلى