عنقه. وروي هذا عن أحمد، واحتج بما روي عن أبي جحيفة رضي الله عنه، قال: «رأيت بلالاً يؤذن يدور فاتبع فاه ههنا وههنا وأصبعاه في أذنيه»، وهذا غلط. لما روى سفيان الثوري بإسناده عن أبي جحيفة أنه قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال فأذن فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح لوى عنقه يميناً وشمالاً، ولم يستدر». ويحمل ما رويتم على هذا الالتواء، ولأنه إذا استدار استدبر القبلة، فكره كما لو كان على الأرض.
وقال صاحب «الحاوي»: قد كانت المنارة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه مربعة لا مجال لها حتى أحدث المنارة المدورة عبيد الله بن زياد بالبصرة والكوفة، فإن كان البلد لطيفاً والعدد يسيراً لا يدور المؤذن في المنارة في مجالها، لأنه لا حاجة. وإن كان البلد واسعاً والعدد كثيراً كالبصرة، ففي جواز طوافه في مجالها وجهان:
أحدهما: يجوز، لأن فيه زيادة الإبلاغ والتسوية من الجهات. وإن علماء الأمصار أقروا المؤذنين عليه، ولم ينكروا.
والثاني: لا يجوز إلا على ما ذكرنا، ولا يدور في الحيعلة بحالٍ، وهذا حسن، ولكنه خلاف مذهب الشافعي رضي الله عنه.
فرع
لو خطب مستقبل القبلة، قال بعض أصحابنا: أساء ويجوز كما لو استدبر القبلة في الأذان. وقال جمهور أصحابنا: لا يجوز 21 أ/ 2، بخلاف الأذان. والفرق أن الخطبة لما كانت فرضاً، كانت جهة الاستقبال المشروعة فيها فرضاً بخلاف الأذان، ولأن في العدول في الخطبة عدولاً عن أهلها المقصودين بها بخلاف الأذان.
فرع آخر
لو أذن ماشياً، فإن انتهى في مشيه إلى حيث لا يسمع من كان في الموضع الذي ابتدأ الأذان فيه بقية الأذان لم يجز وإن كان يسمع من سمع ابتداءه لا يجوز.
مسألة: قال: «وحسن أن يضع أصبعيه في أذنيه».