والحالة الثانية: أن يكون له وارث غير سيده، فإن قيل: بمذهب الشافعي في القديم أن المعتق بعضه إذا مات لم يورث، وكان ماله لسيده، كان حكمه على ما مضي إذا لم يخلف وارثًا غير سيده.
وإن قيل: بمذهبه في الجديد أنه يكون موروثًا دخل الدور في عتقه بقدر كسبه، فإن كان كسبه مائتي درهم عتق نصفه، ورق نصفه.
وبابه في حسابه أن يجعل له برقبته سهمًا لعتقه، وبكسبه سهمين لورثته، لأن الكسب صعف قيمته، ويجعل لورثة سيده سهمين ضعف قيمته، وجمع سهم ورثته وسهمي ورثة سيده، وهي أربعة، ولا تجمع إليها سهم الرقبة لتلفها ثم أقسم الكسب عليها، وهو مائتان يخرج قسط السهم خمسين درهمًا، فيعتق منه بقدرها، وهو نصف يملك وارثه به نصف كسبه ويملك ورثة سيده نصف كسبه، ويرق نصفه، وهو مثلًا ما أعتق من نصفه.
ولو كان كسب مائة درهم عتق ثلثه، وباب أن جعل له برقبته سهمًا لعتقه وبكسب سهمًا لورثته، ولورثة سيده سهمين، وتجمع بين سهم ورثته وسهمي ورثة سيده، وهي ثلاثة، وتقسم ذلك عليها، وهو مائة يخرج قسط السهم ثلاثة وثلاثين درهمًا. ثلثًا، فيعتق منه بقدرها، وهو ثلثه يملك ورثته به ثلث كسبه، ويملك ورثة سيده ثلثي كسبه برق ثلثيه، وهو مثلًا ما عتق من ثلثه. والله أعلم.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «وأي الرقيق أردت قيمته لعتقه فزادت قيمته أو نقصت أو مات فإنما قيمته يوم وقع العتق».
قال الماوردي: وهذا صحيح والكلام فيها مشتمل على ثلاثة فصول: أحدها: اعتبار قيمة من أعتقه في مرضه. والثاني: اعتبار قيمة من وصي بعتقه. والثالث: اعتبار قيمتها في حق ورثته.
فأما الفصل الأول: في اعتبار قيمة من أعتقه في مرضه، فمعتبرة بوقت عتقه لاستهلاكه له بعتقه.
وأما الفصل الثاني: في اعتبار قيمة من وصي بعتقه، فمعتبرة بوقت موته، ولا تعتبر بوقت وصيته، ولا بوقت عتق الورثة بعد موته؛ لاستحقاق عتقه بالموت، فاعتبرت بوقت الاستحقاق.
وأما الفصل الثالث: في اعتبار قيمته في حق ورثته، فمعتبرة بأقل قيمته من بعد موته، وإلى وقت قبض، لأن الزيادة بعد الموت تحدث على ملكهم، فلم تحتسب عليهم كالثمرة والنتاج، والنقصان قبل القبض تلف من التركة، فلم يحتسب عليهم كالميت والمغصوب، فلذلك كان محتسبًا في حقهم بأقل قميته.