فقد بطل حكم المعاوضة وبقي حكم الصفة، 54/ أ فإن الكتابة مشتملة على معاوضة وصفة، فإذا بطل أحدهما بقي الآخر وللسيد إبطال الصفة هناك والرجوع فيها لأنه التزمها على أن يحصل له العوض الذي سماه، فإذا لم يسلم له ذلك كان له الرجوع.
ثم ينظر فإن رجع فيها وأبطلها بطلت وإن لم يرجع حتى أدى المال عتقوا لوجود الصفة، ويستحق السيد عليهم قيمتهم لأنه أزال ملكه بشرط أن يحصل له العوض، فإذا لم يحصل استحق استرجاع الرقبة فإذا تعذر استرجاعها لتلفها استحق السيد قيمتها كما لو باعه شيئا بيعًا فاسدًا وسلمه وتلف عند المشتري يجب عليه قيمته ويحتسب له بما أدى ويتراجعان.
الفصل
وإذا أدى واحد من العبيد حصته فظاهر كلام الشافعي ههنا ونص عليه في الإملاء أنه يعتق لأن الكتابة الفاسدة محمولة على الكتابة الصحيحة، والصحيحة لو أدى أحدهم نصيبه عتق، ومن أصحابنا من قال: لا يعتق لأن المعاوضة بطلت لفسادها وتجردت الصفة فلا يعتق حتى توجد كمال الصفة وهذا اختيار القفال، فإن قلنا: بالأول حصل التراجع بينه وبين سيده بما أدى من النجوم وبجميع قيمته وبقي الآخر على كتابته الفاسدة بحصته من النجم إلا أن يفسخ السيد كتابته، فتنفسخ.
وإن أدى الوارث بعد موت السيد أو أبرأه السيد، أو أدى الغير عنه متبرعا 54/ ب أو أدى غير جنس نجم الكتابة لا يعتق لأنه لم توجد الصفة إذا كانت الكتابة فاسدة، وقال أبو حنيفة: يعتق بكل ذلك كما في الكتابة الصحيحة، فإن قيل: العتق المطلق بصفة لا يمكن إبطاله بقوله: أبطلت فلم قلتم ههنا إذا أبطلها السيد بطلت، قلنا لأن هذه ليست بصفة مجردة بل بناها على المعاوضة، فإذا لم يسلم العوض لم يلزمه حكم الصفة.
مسألة: قال: «ولوأدوا فقال: من قلت قيمته أدينا على العدد».
الفصل
معنى هذه المسألة أنه كاتبهم على مائة دينار، وقلنا: يصح وكانت قيمة أحدهم خمسين وقيمة الآخر ثلاثين، وقيمة الآخر عشرين، فأحضروا ستين دينار ووزنوها، فقال من قيمته عشرون أنا عتقت لأني قد أديت عشرين وهي حصتي لأن الستين التي أدينا هي بيننا أثلاثًا، وقال الآخران: إنما أدينا على قيمنا فلم يعتق واحد منا، قال الشافعي، فالقول قول من قال: أدينا بالسوية لأن الظاهر أنه في أيديهم أثلاثًا حتى وزنوه وسلموه، فإن قيل: إذا كان المال الذي حملوه سبعين دينارًا يجب أن لا يقبلوا قول من قلت قيمته أنه على عدد الرؤوس لأنه حصته أكثر مما عليه، قلنا: قال أبو