والضرب الثاني: عتق معلق بصفة وعوض والمغلب فيه حكم العوض وهو الكتابة الصحيحة، فالمعاوضة لا بد من ذكرها، وهو قوله: كاتبتك على كذا أو الصفة لا بد من ذكرها باللسان أو ينويها بقلبه على ما ذكرنا. وإنما علينا حكم العوض ههنا لأنه لو كان المغلب للصفة لاحتيج إلى ذكرها كما في القسم قبله ولا يعتبر ذلك بل تكفي النية بالقلب، ويتعلق بهذا أيضًا ستة أحكام، أحدها: أنها تقع لازمة من جهة السيد لا سبيل له إلا فسخها لأنها معاوضة كالبيع، فأما العبد فليس له فسخ العقد ولكن له أن يمتنع من الأداء متى شاء ثم يكون للسيد الفسخ، وإن اتفق السيد والعبد على فسخ الكتابة جاز، ويكون ذلك بمنزلة الإقالة في البيع ويلزم ذلك.
والثاتني: أن السيد لو أبرأ من مال الكتابة عتق كالبائع إذا أبرأ المشتري عن الثمن صح وبرئت ذمته وملك المبيع تامًا.
والثالث: إذا مات السيد لا تبطل بل يؤدي المال إلى ورثته ويعتق كالبيع.
والرابع: إن كسب العبد قبل الأداء يكون له لا لسيده لأنه عقد مع سيده عن التصرفات فيه وأخذ كسبه فهو كما لو باع العبد، كان الكسب للمشتري 59/ أ.
والخامس: أن المكاتب إذا أدى المال عتق ولا تراجع.
والسادس: إذا أدى ما عليه وعتق وبقي فضل الكسب في يده فهو له ملكًا تامًا.
والضرب الثالث: عتق معلق بصفة وعوض والمغلب فيه حكم الصفة، وهو الكتابة الفاسدة ولهذه الصفة أحكام ستة، أحدها: أنها تقع غير لازمة من جهة السيد، وله أن يرجع فيها متى شاء لأنه التزمها بشرط أن يحصل له العوض المشروط، فإذا لم يحصل كان له الرجوع ويفارق الصفة الأولى لأنها صفة محضة التزمها بمجردها فلزمته، ثم إذا ثبت أن الصفة لا تلزم له أن يفسخها بنفسه وله أن يرفعها إلى الحاكم حتى يفسخ الحاكم كما لو وجد عيبًا بما اشترى له الفسخ بنفسه وله المرافعة إلى الحاكم حتى يفسخ. قال الشافعي: وأشهد على ذلك ولم يرد به أن الشهادة شرط وإنما أراد أنه يشهد عليه حتى يثبت أنه قد ردع فعلا يمكن العبد جحود ذلك لأنهما لو اختلفا في الرجوع، ولم يكن مع السيد بينة كان القول قول العبد لأن الأصل أن لا رجوع.
فرع
إذا قال أبطلت كتابة عبدي أو فسختها يجوز بمشهد العبد وعيبته ولو نوى إبطالها لا تبطل، وإذا رفعها إلى الحاكم لم يكن له إبطالها إلا بعد ثبوت فسادها ومسألة السيد، فإذا سأل له إبطالها عليه، ولو سأل المكاتب من الحاكم الإبطال لم يكن للحاكم إجابته إليه لأنه حق مختص بالسيد لا يملكه المكاتب وإنما يملك هو الامتناع من الأداء على ما ذكرنا 59/ ب.
والثاني: أن السيد إذا أبرأه لم يعتق.
والثالث: إذا مات السيد بطلت هذه الكتابة على ما ذكرنا خلافًا لأبي حنيفة وأحمد.
والرابع: أن الكسب للمكاتب لأن الكتابة الفاسدة كالصحيحة في وقوع العتق فيها