والثانية: أن يصدقه أحدهما وينكر الآخر فإقرار المقر مقبول ويصير نيبه مكاتبًا لأنه أقر بما يضره فقبل إقراره فيه ثم ينظر فإن كان عدلا وشهد مع شاهد آخر عدل حكم بشهادتهما وثبتت الكتابة، وإن لم يكن عدلا ولم يشهد شاهد آخر لا يجوز أن يحلف العبد معه لأنه لا يدخل فيها الشاهد واليمين لأن المقصود العتق دون المال ويكون القول قول الابن المنكر، فيحلف أنه لم يعلم ذلك فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين ردت اليمين، فإن حلف العبد ثبتت الكتابة، فإن نكل بطلت الكتابة في حقه وثبتت في حق المقر.
فإن قيل: جعلتم نصفه مكاتبًا بغير إذن شريكه وذلك خلاف قول الشافعي رضي الله عنه، قلنا: ههنا لم تقع الكتابة في الأصل محضة بل أقر أن أباه كاتبه جملة، ولكن بطلت في نصفه لإنكار الابن الآخر، فلم يوجب ذلك بطلانها في الباقي، فهو بخلاف ما لو كاتب نصفه ابتداء قصدًا إلى الإضرار بشريكه.
وأيضًا فإن ههنا ضرورة فهو كما لو أوصى أن يكاتب عبده عنه فلم يخرج من الثلث كاتبنا بعضه للضرورة.
فإذا تقرر هذا نظير فيه فإن اتفقا على المهأيأة خدمة يومًا، واكتسب لنفسه يومًا، وإن لم يتفقا على المهايأة لا يجبر عندنا عليها خلافًا لأبي حنيفة.
ثم ينظر فإن عجز نفسه استرقه السيد وما في يده من الكسب يكون له لأن السيد الآخر كان يأخذ كسبه في كل يوم فهذا الباقي حق لهذا الشريك.
وفرع الشافعي على هذا، فقال: إذا وجد في يد المكاتب كسب فاختلف السيدان فيه، 62/ ب فقال المكذب: كان اكتسابه قبل عقد الكتابة فهو بيننا، وقال الآخر: بل اكتسبه بعد عقد الكتابة، فهو لي، فالقول قول المصدق لأنهما يختلفان في حدوث الكسب قبل الكتابة والأصل أن لا حدوث حتى يعلم ذلك وإن أدى المكاتب ذلك عتق بالأداء وما فضل من الكسب، فهو له ولا يقوم باقية على الابن المصدق ولا على الميت. أما الابن فلأن التقويم إنما يكون على من باشر العتق أو تسبب إليه وهذا أخبر أن أباه كاتبه وأنه تسبب إلى عتقه، وأما الميت فقد زال ملكه بالموت فهو بمنزلة المعسر وهذا كما نقول إذا ترك ابنين وعبدًا فادعى العبد أن أباهما عتقه فأقر أحد الابنين وأنكر الآخر عتق نصيب أحدهما، وكان ولاءه لأبيه، ولا يقوم عليه.
ولو بادر المصدق فأعتق نصيبه أو أبرأه ثمن نجومه فعتق فهل يقوم عليه نصيب أخيه فيه وجهان، أحدهما: لا يقوم لأنه يعتق على أبيه دونه ولهذا نقول الولاء يثبت له، والثاني: يقوم عليه لأنه يضر بشريكه بتقديمه العتق، والأول أصح فإذا عتق هذا النصف بالأداء وثبت عليه الولاء ولمن يكون هذا الولاء فيه وجهان، أحدهما: يثبت للميت وينتقل إلى ابنيه لأنه عتقد بسبب كان منه وهو عقد الكتابة. والثاني: يثبت للابن المصدق لأن المنكر أسقط حق نفسه من العتق والولاء، فإذا قلنا: الولاء بينهما فمات دفع إلى الابن المصدق نصف المال ويوقف نصيب المكذب إلى أن يقر به، 63/ أ