والأيامى جمع أيم وهي التي لا زوج لها, ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأيمة يعني العزبة, وفي هذا الخطاب قولان:
أحدهما: أنه خطاب للأولياء أن ينكحوا أيامًا هن من أكفائهم إذا دعون إليه.
والثاني: أنه خطاب للأزواج أن يتزوجوا الأيامى عند الحاجة. وفي قوله: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} النور: 32 تأويلان:
أحدهما: أن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله به عن السفاح.
والثاني: أن يكونوا فقراء إلى المال يغنهم الله إما بقناعة الصالحين, وإما باجتماع الرزقين إليه.
روى عبد العزيز بن داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا الغنى في هذه الآية: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} النور: 32 , قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} النساء: 3. وفي هذا الشرط أربع تأويلات:
أحدها: يعني إن خفتم أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى فهكذا خافوا أن لا تعدلوا في النساء, وهذا قول سعيد بن جبير.
والثاني: يعني إن خفتم ألا تعدلوا في نكاح اليتامى فانكحوا ما حل لكم من غيرهم من النساء, وهو قول عائشة رضي الله عنها.
والثالث: أنهم يتوقون أموال الأيتام ولا يتوقون الزنا, فقال: كما خفتم في أموال اليتامى فخافوا الزنا وانكحوا ما حل لكم من النساء, فهذا قول مجاهد.
والرابع: أن سبب نزولها أن قريشًا كانت في الجاهلية تكثر التزويج بغير عدد محصور فإذا كثر على الواحد منهم مؤن زوجاته وقل ما بيده مد يده إلى ما عنده من الأموال للأيتام, فقرر الله تعالى بهذه الآية عدد المنكوحات حتى لا يتجاوز فيحتاج إلى التعدي في أموال الأيتام, وهذا قول عكرمة. وفي قوله:
{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قولان:
أحدهما: أنه عائد إلى النكاح وتقديره: فانكحوا النساء نكاحًا طيبًا, يعني حلالاً, وهذا قول مجاهد.
والثاني: أنه عائد إلى النساء وتقديره: فانكحوا من النساء ما حل وهذا قول الفراء. فهذا من كتاب الله تعالى ودال على إباحة النكاح.
أما السنة فروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم, فإنه له وجاء".