الأصلاب الذكية إلى الأرحام الطاهرة, وقد قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)} الشعراء: 219 قال: من نبي إلى نبي حتى جعلك نبيًا, وكان نور النبوة في أيامه ظاهرة, حتى حكي أن كاهنة بمكة يقال لها: فاطمة بنت الهرم قرأت الكتب, فمر بها عبد المطلب ومعه ابنه عبد الله يريد أن يزوجه آمنه بنت وهب, فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: هل لك أن تغشاني وتأخذ مثل الإبل فقال عبد الله:
أَما الحَرَامُ فَلمَمَاتُ دُونَه وَالحلِ لا حِل فَأَستَبِينَه
فَكَيفَ بِالأَمرِ الذِي تَبغِينَه يَحمِي الكَريمُ عَرضَهُ ودِينَهُ؟!
فلما تزوج آمنة وحملت منه برسول الله صلى الله عليه وسلم مر في عوده بفاطمة فقال: هل لك فيما قلت: قد كان مرة فاليوم لا.
فإذا سبعت فقال: زوجي أبي بآمنة بنت وهب الزهرية فقالت: قد أخذت النور الذي كان في وجهك وأنشأت تقول:
إني رأيت مخيلة نشأت فتلألأت بحناتم القطر
فلمحتها نور يضيء به ما حوله كإنارة الفجر
ورأيت سقياها حبا بلد وقعت به وعمارة القفر
ورأيته شرفا أبوه به ما كل قادح زنده يوري
لله ما زهرية سلبت منك الذي استلبت وما تدري
فرع:
فأما اسم النكاح فهو حقيقة في العقد فجاز في الوطء عندنا.
وقال أبو حنيفة: هو حقيقة في الوطء فجاز في العقد وتأثير هذا الخلاف أن من جعل اسم النكاح حقيقة الوطء حرم بوطء الزنا ما حرم بالنكاح ومن جعله حقيقة في العقد لم يحرم بوطء الزنا ما حرم بالنكاح على ما سيأتي شرحه ودليله ولكن من الدليل على حقيقة في العقد أن كل موضع ذكر الله تعالى النكاح في كتابه فإنما أراد به العقد دون الوطء, ولأن التزويج لما كان بالإجماع اسمًا للعقد حقيقة كان النكاح بمثابة لاشتراكهما في المعنى ولأن استعمال النكاح في العقد أكثر وهو به أخص وأشهر وهو في أشعار العرب أظهر قال الشاعر:
بَنُو دارم أكفَاؤُهُم آل مَسمَعِ وَتُنكَحُ فِي أَكفَائِهَا الخَطَباتِ