فلا يخلو حاله من أحد الأمرين:
إما أن يكون مشتغلًا بالطاعة أو مشتغلًا بالدنيا، فإن كان مشتغلًا بطاعة من عباده أو علم فتركه للنكاح تشاغلًا بالطاعة أفضل له وأولى به، وإن كان متشاغلًا بالدنيا فالنكاح أولى من تركه لأمرين:
أحدهما: للتشاغل به عن الحرص في الدنيا.
والثاني: لطلب الولد، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده".
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سبع يجري على العبد أجرهن بعد موته من كري نهرًا، أو حفر بئرًا أو وقف وقفًا، أو ورق مصفحًا، أو بني مسجدًا" أو علم علمًا، أو خلف ولدًا صالحًا يدعو له، والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ المَرْأَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا حَاسِرَةً وَيَنْظُرُ إِلى وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَهِيَ مُتَغَطِّيَةٌ بِإِذْنِهَا وَبِغَيْرِ إِذْنِهَا. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} النور: 31 قَالَ: "الوَجْهُ وَالكَفَّانِ".
قال في الحاوي: قد مضى الكلام أن وجه المرأة وكفيها ليس بعورة في كتاب الصلاة لقوله تعالى: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} النور: 31. قال الشافعي: الوجه والكفان وهو قول الحسن وسعد بن جبير وعطاء، وقال ابن عباس والمسور بن مخرمة: هو الكحل. والخاتم عبارة عن الوجه بالكحل وعن اليدين بالخاتم فإذا أراد الرجل أن يتزوج المرأة جاز له أن ينظر إلى وجهها وكفيها لا غير.
وقال أبو حنيفة: ينظر إلى الوجه والكفين إلى ربع الساق. وقال داود: ينظر منها إلى ما ينظر من الأمة إذا أراد شرائها. ورواء الأشهب عن مالك، وروى عن الأشهب مثل قولنا.
وقال المغربي: لا يجوز أن ينظر إلى شيء منها. فأما أبو حنيفة فإنه اعتبر القدمين بالكفين؛ لأنه أحد الطرفين فلم يجعلها عورة.
والكلام معه في حدّ العورة قد مضى، وأما داود: فاستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أراد أحدكم خطبة امرأة فليولج بصره فيها فإنما هو مسر".
وأما المغربي فإنه استدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا علي لا تتبع النظرة