يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلًا فَطَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ طَلَبَ نِكَاحَهَا وَطَلَبَتْهُ فَقَالَ: زَوَّجْتُكَ أُخْتِي دُونَ غَيْركَ ثُمَّ طَلَّقْتَهَا لَا أُنْكِحُهَا أَبَدًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ".
قال في الحاوي: بدأ الشافعي في هذا الفصل بها على الأولياء من نكاح الأيامى إذا دعون إلى رضي ووجوبه على الأولياء معتبر بخمش شرائط. وهو أن تكون حرة بالغة عاقلة تدعو إلى كفء عن تراضٍ فيلزمه إنكاحها. ولا يسوغ له منعها لقوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعُروفِ} البقرة: 232.
وفي العضل قولان:
أحدهما: أنه المنع ومنه قولهم: داء عضال إذا اقتنع من أن يداوي وفلان عضلة أي داهية لأنه امتنع بدهائه.
والثاني: أنه الضيق ومنه قولهم: قد أعضل بالجيش القضاء إذا ضاق بهم وقول عمر: قد أعضل بي أهل العراق لا يرضون عن والٍٍ ولا يرضى عنهم والٍ وفي قوله: {إذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعُروفِ} تأويلان:
أحدهما: إذا تراضا الزوجان بالمهر.
والثاني: إذا رضيت المرأة بالزواج المكافئ وفيمن نزلت هذه الآية قولان:
أحدهما: وهو الأشهر أنها نزلت في معقل بن يسار زوج أخته رجلًا ثم طلقها وتراضيا بعد العدة أن يتزوجها معضلها وحلف أن لا يزوجها فنهاه الله تعالى عن عضلها وأمره أن يزوجها ففعل. وهذا قول الحسن ومجاهد وقتادة والشافعي.
والثاني: أنها نزلت في جابر بن عبد الله مع بنت عم له. وقد طلقها زوجها ثم خطبها فعضلها وهذا قول السدي.
فصل:
فإن أرادت المرأة أن تنفرد بالعقد على نفسها من غير ولي فقد اختلف الفقهاء فيها على ستة مذاهب.
مذهب الشافعي منها: أن الولي شرط في نكاحها لا يصح العقد إلا به وليس لها أن تنفرد بالعقد على نفسها وإن أذن لها وليها سواء كانت صغيرة أو كبيرة شريفة أو دنية بكرًا أو ثيبًا.
وبه قال من الصحابة عمر، وعلي، وابن العباس، وابن عمر، وعائشة رضي الله عنهم. ومن التابعين: الحسن، وابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وشريح، والنخعي، ومن الفقهاء: الأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: إن لم يكن عليها في مالها ولاية لبلوغها وعقلها لم يكن عليها في نكاحها ولاية جاز أن تنفرد بالعقد على نفسها وترده إلى من شاءت من رجل أو امرأة ولا اعتراض عليها من الوالي إلا أن تضع نفسها في غير كفء وإن كان عليها في مالها