ثبت ولاية الحد على الأب فأولى أن يثبت على من يلي عليه الأب, ولأنه لما ساوى الجد الأب في الولاية على مالها ساواه في الولاية على نكاحها, ولهذا فرق بينه وبين سائر العصبات.
فرع:
فأما حال البكر من غير الأب والجد من الأولياء كالإخوة والأعمام, فلا تخلو حالها معهم من أن تكون صغيرة أو كبيرة, فإن كانت كبيرة لم يكن لهم إجبارها إجماعًا, وليس لهم تزويجها إلا بإذنها. والفرق بين الآباء والعصبات, أن الآباء بعضية ليست في العصبات فقويت بها ولايتهم حتى تجاوزت ولاية النكاح إلى ولاية المال فصاروا بذلك أعجز ولأنه من العصبات وإن كانت البكر صغيرة فليس لأحد من العصبات تزويجها بحال.
وقال أبو حنيفة: بجميع العصبات تزويجها صغيرة كالأب ولها الخيار إذا بلغت بخلافها مع الأب. وقال أبو يوسف: لهم تزويجها ولا خيار لها كهي مع الأب استدلالاً بقوله تعالى: {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إلى قوله: {وتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} النساء: 127 قال: واليتيمة من لا أب لها من الصغار والذي كتب لها صداقها فدل على جواز نكاح غير الأب لها, ولأن كل من جاز له تزويجها في الكبر جاز له أن ينفرد بتزويجها في الصغر كالأب, ولأنه لما استوي الآباء والعصبات في إنكاح الثيب وجب أن يستووا في إنكاح البكر, ودليلنا حديث قدامة بن مظعون أنه زوج ابنة أخيه بعبد الله بن عمر فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحه, فقال: إنني عمها ووصي أبيها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها يتيمة وإنها لا تتزوج إلا بإذنها" فلم يجعل له تزويجها إلا بعد البلوغ.
ومن القياس: أن كل من لم يملك قبض صداقها لم يملك عقد نكاحها كالعم مع الثيب طردًا أو كالسيد مع أمته عكسًا؛ ولأنها ثبتت للأب في الصغيرة من غير تولية فوجب أن يختص بها من بين العصابات كولاية المال؛ ولأن النكاح إذا لم ينعقد لأن ما كان فاسدًا كالمنكوحة في العدة, ولأن النكاح لا ينعقد بخيار التحكم والاقتراع قياسًا على خيار الثيب, فأما الآية فتحمل على إنكاحها قبل اليتم, أو على إنكاح الجد, لأن اليتم يكون بموت الأب وإن كان الجد باقيًا. وأما قياسهم على الأب فالفرق بينهما في الولاية ما قدمناه في الأخبار وأما جمعهم بين البكر والثيب مردود بافتراقهما في قبض الصداق, والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "وَمِثلُ هَذَاَ حَدِيثُ خَنسَاءَ زَوَّجَهَا أبوهَا وَهِيَ ثَيِبٌ فَكَرِهَت ذَلِكَ