أن يلي على النكاح غيره كالعدل؛ ولأنه لما جاز للفاسق تزويج أمته جاز له تزويج وليته, ولأنه لما جاز أن يكون الكافر وليًا في نكاح ابنته فأولى أن يكون الفاسق وليًا في نكاح ابنته.
ودليلنا: ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل, وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل". ورواه عن ابن عباس موقوفًا عليه, فإن قيل: فقوله "مرشد" ولم يقل رشد يقتضي أن يوجد منه فعل الرشد في غيره وإن كان غير موجود في نفسه, وهو إذا زوجها بكفء كان مرشدًا وإن لم يكن رشيدًا.
قيل: هذا تأويل من يفسد من وجهين:
أحدهما: أنها صفة مدح تتعدى عنه إلى غيره ومن ليس برشيد لا يتوجه إليه مذمة ولا يتعدى عنه رشد.
والثاني: أن في الخبر الآخر في قوله: "وأيما امرأة ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل" ما يبطل هذا التأويل, ولأنه نقص يمنع من الشهادة فوجب أن يمنع من الولاية, كالرق, ولأنها ولاية تمنع منها الرق فوجب أن يمنع منها الفسقة كالولاية على المال, ولأن من تولى عقد النكاح في حق غيره منع الفسق من عقده كالحاكم, فأما الجواب على الآية فهو: أنها خطاب إما للأزواج فلا يكون فيها دليل أو للأولياء وليس الفاسق بولي.
وأما قياسه على الزوج فالمعنى في الزوج: أنه يتولى في حق نفسه فلم يعتبر رشده كما لم تعتبر حريته وإسلامه والولي يتولاه في حق غيره, فاعتبر رشده كما اعتبرت حريته وإسلامه, وأما قياسه على العدل فالمعنى في العدل: أنه لما صحت ولايته على المال صحت ولايته على النكاح والفاسق بما بطلت ولايته على المال بطلت ولايته على النكاح وأما استدلالهم بعقد الفاسق على أمته فالمعنى فيه أنه يعقده في حق نفسه ألا تراه يملك المهر دونها فلم تعتبر فيه العدالة كالزوجين والولي يعقده في حق غيره فاعتبرت فيه العدالة كالحاكم, وأما ولاية الكافر فلأنه عدل في دينه ولو كان فاسقًا في دينه وبين أهل ملة أبطلنا ولايته وكذا كالفاسق في ديننا.
فرع:
فإذا ثبت أن ولاية الفاسق في النكاح باطلة, فالولاية, تنقل عنه إلى من هو أبعد منه فإن زال فسقه عادت الولاية إليه, وانتقلت عمن هو أبعد منه فلو زوجها الأبعد بعد عدالة الأقرب, فإن كان عالمًا بعدالة الأقرب أو علمت الزوجة بها أو الزوج كان الزوج باطلًا,