واحد منهما على الانفراد, فإن أراد تزويج أحدهما بالآخر ففي جوازه جبرًا وجهان:
أحدهما: لا يجوز تزويج أحدهما حتى يبلغ الابن فيكون هو القابل لنفسه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل نكاح لم يحضره أربع فهو سفاح" ولأن لا يتولى العقد من طرفيه كما لا يجوز لابن العم أن يزوج موليته لأن لا يصير متوليًا للعقد من طرفيه وهذا قول أبي العباس بن القاص وطائفة.
والثاني: يجوز للجد أن يفعل ذلك ويتولى العقد من طرفيه كما يجوز له فيما ينفق من مال على ابن ابنه إذا كان وليًا عليه أن يتولى العقد من طرفيه, وخالف ابن العم في تزويجه ابنة عمه إذا كان واليًا عليها من وجهين:
أحدهما: أن ولاية الجد توجب الإجبار لقوتها, وولاية ابن العم, تمتع من الإجبار لضعفها.
والثاني: أن الجد في الطرفين عاقد لغيره وابن العم أحد الطرفين عاقد لنفسه, وهذا قول أبي بكر بن الحداد المصري وطائفه, فعلى هذا لا بد للجد من أن يتلفظ في عقد نكاحها بالإيجاب, فيقول: قد زوجت ابن ابن ببنت ابني وهل يحتاج فيه القبول أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا بد من أن يتلفظ فيه القبول فيقول: وقبلت نكاحها له, وهذا قول أبي بكر بن الحداد, ولأنه ذلك بولايتين فقام فيه مقام وليين فلم يكن بد فيه من لفظتين:
أحدهما: إيجاب والآخر قبول.
والثاني: لا يحتاج أن يتلفظ فيه بالقبول, وهذا قول أبي بكر القفال, لأن الجد يقوم مقام وليين فقام لفظه مقام لفظين.
مسالة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو كان المولى عليه يحتاج إلى النكاح زوجه وليه فإن أذن له فجاور مهر رد الفضل".
قال في الحاوي: المولى عليه بالسفه ممنوع من التزويج إلا بإذن وليه, لأن الحجر يمنع من التصرف في العقود, فإن لم يكن به إلى النكاح حاجة لم يجز له أن يتزوج, ولا لوليه أن يزوجه لما فيه من التزام المهر والنفقة لغير حاجه, وإن كان به إلى النكاح حاجه, إما بأن يرى يتوثب على النساء لفرط الشهوة, وأما بأن يحتاج إلى خادم وخدمة النساء له أرفق به فيجوز لوليه أن يزوجه, لأنه مندوب إلى القيام بمصالحه التي هذا منها وليصده بذلك عن واقعة الزنا الموجب للحد والمأثم, وإذا كان كذلك فوليه بالخيار بين أن يزوجه بنفسه وبين أن يأذن له في التزويج, فإن زوجه الولي جاز أن يعقد له النكاح على