النكاح أن يزوجه في زمان جنونه, ولا يرد العقد إليه الذي طبق به الجنون, ويجوز له أن يزوجه في زمان إفاقته وأن يرد العقد إليه كالسفيه, لأن الحجر عليه قبل زمان إفاقته لا يرتفع لكن يكون حكمه في زمان الجنون حكم الحجر بالجنون وفي زمان الإفاقة حكم بالحجر بالسفه.
والثاني: أن يكون زمان إفاقته أكثر من زمن جنونه فالحجر يرتفع في زمان الإفاقة ولا يجوز لوليه أن يزوجه في حال جنونه لما يرجى إفاقته ويجوز له أن يزوج بنفسه في زمان إفاقته من غير إذن وليه ولا يجوز لوليه أن يزوجه في إفاقته لارتفاع حجزه.
والثالث: أن يتساوى زمان جنونه وزمان إفاقته, ففي أغلبها حكمًا وجهان:
أحدهما: أن حكم الجنون اغلب تغليبًا لحكم ثبوت الحجر, فعلى هذا يكون حكمه كالضرب الأول: فيمن كثر زمان جنونه وقل زمان إفاقته.
والثاني: أن حك الإفاقة أغلب تغليبًا لأصل السلامة, فعلى هذا يكون حكمه كالضرب الثاني فيمن كثر زمان إفاقته وقل زمان جنون.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أذن لعبده فتزوج كان لها الفضل متى عتق".
قال في الحاوي: وهذا كما قال, ليس للعبد أن يتزوج بغير إذن سيده لرواية عطاء عن جابر, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أيما عبد نكح بغير إذن مواليه فهو عاهر", والعاهر: الزاني, فشبه بالزاني لتحريم عقده, وإن لم يكن زانيًا في الحكم, ولأن السيد مالك لمنافعه وأكسابه فلم يكن له تفويتها بتزويجه, فإن تزوج بإذن سيده كان النكاح جائزًا, لأن مستحق الحجر قد رفعه بإذنه فعاد إلى جواز تصدقه, وإن تزوج بغير إذن سيده كان نكاحه باطلًا, وقال أبو حنيفة: يكون موقوفًا على إجازة السيد.
وقال مالك: نكاحه جائز وللسيد فسخه عليه, والدليل عليها رواية نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا نكح العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل ". وقد روي هذا الخبر موقوفًا على ابن عمر. ولأن الحجر المانع من جواز المناكح يمنع من صحتها كالجنون, فإذا تقرر أن نكاح العبد بغير إذن سيده باطل وبإذنه جائز, فللسيد إذا أذن لعبده في النكاح حالتان:
إحداهما: أن يعين له على المنكوحة فلا يجوز له أن يتجاوزها, فإن نكح غيرها