بالإجماع لقولة تعالى:} لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ {الحشر: 20، ولقولة صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم مشرك". وإن كان اختلافهما في الصفات والفجور مع اتفاقهما في الإسلام فعند محمد بن الحسن أنة ليس بشرط معتبر وعند الجماعة: أنه شرط معتبر لقولة تعالى:} الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ {النور: 3 وقال تعالى:} كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ {السجدة 18:.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كرة منها خلقا رضي منها خلق" فأما المسلمان إذا كان أبوا أحدهما مسلمين وأبوا الأخير كافرين فإنهما يكونا كفئين.
وقال أبو حنيفة: لا تكافؤ بينهما؛ لأنة لما لم يتكافيء الأنباء لم يتكافيء الأنباء وهذا خطأ؛ لأن فضل النسب يتعدى وفضل الدين لا يتعدى لأن النسب لا يحصل للأبناء إلا من الآباء فتعدى فضلة إلى الأبناء، والدين قد يحصل للأبناء بأنفسهم من غير الآباء فلم يتعد فضلة إلى الأبناء.
فصل
فأما الشرط الثاني: وهو "النسب" فمعتبر بقولة صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها" يعنى بالحسب والنسب.
وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وإياكم وخضراء الدمن". قيل: وما خضراء الدمن؟ قال: ذلك مثل المرأة الحسناء من أصل خبيث" وإذا كان كذلك فالناس يترتبون في أصل الأنساب ثلاث مراتب:
قريش ثم سائر العرب ثم العجم. فأما قريش فهي أشرف الأمم لما خصهم الله تعالى به من رسالة وفضلهم به من نبوته ولقولة صلى الله عليه وسلم: "قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا من قريش ولا تعلموها" فلا يكافئ قريشيًا أحد من الغرب والعجم.
واختلف أصحابنا هل تكون قريشا كلهم أكفاء في النكاح على وجهين:
أحدهما: وهو مذهب البصريين من أصحابنا وبه قال أبو حنيفة: أن جميع قريش