فصل:
وأما القسم الثالث: وهو أن يشك هل وقع النكاحان معًا أو سبق أحدهما الآخر، فالنكاحان باطلان؛ لأن العقد إذا تردد بين حال صحة وفساد حمل على الفساد دون الصحة اعتبارًا بالأصل أن لا عقد حتى يعلم يقين صحته، وإذا كان كذلك فالحكم فيهما كما لو وقعا معًا، فيكون على ما مضى من وجود الدخول وعدمه.
فصل:
وأما القسم الرابع: وهو أن يسبق أحدهما الآخر ويشك أيهما هو السابق فهو على ضربين:
أحدهما: أن يصير الشك بعد تقدم اليقين فيكون النكاحان موقوفين على يرجى من زوال الشك يعود اليقين؛ لأن طروء الشك بعد تقدم اليقين يجوز أن يتعقبه يقين فعلى ذا تكون ذات زوج قد جهل عينه متمتع من الأزواج وليس لواحد منهما إصابتها إلا بعد اليقين بأنه الأسبق نكاحًا.
والضرب الثاني: أن يكون الشك مقارنًا للعقد لم يتقدمه يقين فلا يكون النكاح موقوفًا؛ لأنه ليس بتوقع زوال الشك يعود اليقين. وإذا امتنع وفق النكاحين كانا باطلين وهل يفتقر بطلانهما إلى فسح الحاكم أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يفتقر إلى فسخ الحاكم ويكون الجهل على المتقدم فسخًا لأن الجهل بعين الأسبق هو المانع من تعيين الأصح فاقتضي أن يقع به الفسخ.
والوجه الثاني: أنه لا يقع الفسخ إلا بحكم الحاكم لأننا نعلم أن أحدهما زوج وإن لم يعلم أيهما الزوج فلم ينفسخ نكاحه إلا بحكم الحاكم الذي له مدخل في الفسخ المناكح فإن قيل: بوقوع الفسخ بالجهل دون الحكم على الوجه الأول كان فسخًا في الظاهر والباطن كما يمنع التوارث بين الغرقى في الظاهر والباطن على أشكال التقدم وإن قيل بوقوع الفسخ بحكم الحاكم على الوجه الثاني فهل يقع في الظاهر والباطن أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أنه فسخ في الظاهر والزوجية بينهما وبين الأول منهما باقية في الباطن لأن حكم الحاكم لا يحيل الأمور عما هي عليه.
والثاني: وهو أصح أن الفسخ يقع ظاهرًا وباطنًا؛ لأن المرأة لما يحصل لها العوض عاد إليها المعوض كالبائع إذا أفلس المشتري بثمن سلعة عادت إليه بفسخ الحاكم ملكًا في الظاهر والباطن.
فصل:
وأما القسم الخامس: وهو أن يسبق أحدهما الآخر ويدعي كل واحد من الزوجين أنه هو السابق فإن كان لأحدهما بنية عمل عليها وحكم بها فإن كان الولي العاقد أحد