مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَلَيْسَ لِهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّبِيَّةَ عَبْدًا وَلاَ غَيْر كُفٍُؤ وَلاَ مَجْنُونًا وَلاَ مَخْبُوٌلا وَلاَ مَجْذُومًا وَلاَ أَبْرَصَ وَلاَ مَحْبُوبًا ".
وهذا كما قال: على الأب إذا أراد أن يزوج بنته أن يطلب الحظ لها في اختيار الأزواج وإذا كان كذلك لم يكن له أن يزوج بنته الصغيرة عبدًا، ولا مدبرًا، ولا مكاتبًا ولا من فيه جزء من الرق وإن قل لنقصهم بالرق عن حال الأحرار ولا يزوجها مخبولاً والمخبول هو الزائل العقل كالمجنون إلا أن المجنون هو المجتد الذي لا يؤمن عداؤه والمخبول هو الساكن المأمون العدوى. ولا يزوجها مجذومًا، ولا أبرص؛ لأن النفس تعافهما وربما حدث منها عدوى إليها إلى الولد، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فروا من المجذوم فراركم من الأسد ". ولا يزوجها خصيًا ولا مجبويًا لنقصهما بالخصي والجب عن كمال الاستمتاع.
فرع:
فأما تزويج بنته الكبيرة بأحد هؤلاء؛ فإن كانت ثيبًا فيجب استئذانها، فإن استأذنها فيم وأعلمها بهم جاز، وإن كانت بكرًا لا يلزمه استئذانها، فإن لم يستأذنها فيهم لم يجز، وإن استأذنها فيهم فعلى وجهين:
أحدهما: يجوز لأنه عن إذن كالثيب.
والثاني: لأن استئذانها يجب وأشبهت الصغيرة.
فرع:
فإن زوج بنته بمن فيه أحد هذه العيوب. وكانت هي من ذوات هذه العيوب فعلى ضربين:
أحدهما: أن يختلف عيبها أن يكون الزوج مجذومًا وهي برصاء، أو مجنونًا وهي رتقاء فلم يجز.
والثاني: أن يتماثل عيبها فيكونا مجنونين أو أبرصين. فعلى وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجوز لتكافئهما.
والثاني: وهو الأصح أنه لا يجوز لأن الإنسان قد يعاف من غيره مالا يعاف من نفسه. وقد يؤمن المجنون على نفسه ولا يؤمن على غيره. فإذا تقرر ما وصفنا وزوج بنته بمن لا يجوز أن يزوجها به من أصحاب هذه العيوب فهذا على ضربين: