وأما النكاح فيقوله سبحانه: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} النساء: 3 وأما التزويج بقوله سبحانه: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الأحزاب: 37 لأن معناهما في اللغة متشابهان. أما التزويج فهو ضم شكل إلى شكل ومنه قولهم: أحد زوجي الخف وأحد زوجي الحمام إذا أريد واحد من اثنين متشاكلين. فإن أريد معًا قيل زوج الخف وزوج الحمام وأما النكاح فيه قولان:
أحدهما: إنه كالتزويج ضم شكل إلى شكل ومنه كقولهم: أنكحنا الغراء فسوق ترى أي جمعنا بين الحمار الوحش وإيتانه فسترى ما يولد منهما. قال عمر بن أبي ربيعة:
أيها المنكح الثريا سهيلًا عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان
أي لما لم يكن أن يجتمعا لم يجز أن يتناكحا.
والثاني: إنه لزوم شيء، ومنه قول ابن الماجشون: استنكحه المدني أي لزمه فسمي النكاح نكاحًا للزوم أحد الزوجين لصاحبه وليس في معنى هاتين اللفظتين غيرهما فصار تعليلهما غير متعد للنص عليهما. وإذا كان كذلك فالولي والزوج مخيران في أن يعقداه بلفظ التزويج فيقول الولي: قد زوجتك ويقول الزوج: قبلت تزويجها أو يعقده أحدهما بلفظ النكاح والآخر بلفظ التزويج فيقول الولي: قد زوجتك ويقول الزوج: قد قبلت نكاحها فيكون العقد بأي هذه الألفاظ عقدًا صحيحًا.
فصل:
وأما الشرط الثالث: وهو صفة العقد وكيفيته فقد ينعقد على أحد وجهين أما بالبذل والقبول. وأما بالطلب والإيجاب ولهما فيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: أن يعقد له بلفظ الماضي.
والثاني: بلفظ المستقبل.
والثالث: بلفظ الأمر.
فإن عقداه بلفظ الماضي فضربان:
أحدهما: أن يعقداه بالبذل والقبول.
والثاني: بالطلب والإيجاب. فأما عقده بالبذل والقبول فهو أن يبدأ الولي فيقول: قد زوجتك بنتي على صداق ألف درهم ويقول الزوج: قد قبلت نكاحها على هذا الصداق