منه وجب أن يسقط الحد عن الأب؛ لأنه له حقا من جنسه ولا يسقط عن الابن؛ لأنه ليس حق من جنه وهذا أيضا دليل وانفصال.
فأما السرقة فإنما سقط القطع عن كل واحد منهما في حال الآخر لتساؤلهما في شبهه كل واحد منهما في حال الآخر؛ لأن نفقة الابن قد يجب في مال الأب كما تجب نغمة الأب في مال الابن فاستويا، وليس كذلك حد الوطء لاختصاص الأب فيه بالشبهة دون الابن كما يستحقه الأب على الابن من الإعفاف ولا يستحقه الابن على الأب فافترقا، فإذا ثبت أن لا حد عليه ففي تعزيزه وجهان:
أحدهما: يعزر ليرتدع هو وغيره عن مثله.
والوجه الثاني: لا يعزر لأن التعزير بدل من الحد، وليس عليه حد، فكذلك ليس عليه تعزير، فهذا حكم الوطء الأب لها لم يكن الابن قد وطئها فأما إذا كان الابن قل وطئها ثم وطئها الأب بعده ففي وجوب الحد عليه وجهان:
أحدهما: عليه الحد إذا علم بالتحريم إنها ممن لا تحل له أبدا بخلاف التي لم يطأها الابن فصارت من حلائل أبنائه فلزمه الحد كما يلزمه في وطء زوجة ابنه.
والثاني: لا حد عليه؛ لأنها وان وطئها فهي من جملة أمواله التي يتعلق بها شبهة أبيه ويشبه أن يكون تخريج هذين الوجهين من اختلاف قوليه في وجوب الحد على من وطء أخته من نسب أو رضاع أو بملك اليمين.
وأما الفصل الثاني: في وجوب المهر فهو معتبر بوجود الحدود وسقوطه فإن قلنا: إنه لا حد عليه فعليه مهر المثل لكونه وطء شبهة في حقه يوجب درء الحد فاقتضى لزوم المهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " فلها المهر بما استحل من فرجها " ويكون المهر حقا لابنه عليه لأنه من اكتساب أمته وان قلنا: إن الحد واجب عليه فقد سقطت شبهته في حق نفسه فينظر في شبهة الأمة فإن كانت مكرهة قهرها الأب على نفسها ثبت شبهتها في سقوط الحد عنه فوجب المهر في وطئها وان لم يكن لها شبهة في حق نفسه وكانت مطاوعة، فلو كانت حرة لما وجب المهر وإذا هي أمة ففي وجوب المهر قولان:
أحدهما: لا مهر لها لأنها بالمطاوعة قد صارت بغيا وقد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغي" وهذا اختيار أبي إسحاق المروزي.
والثاني: لها المهر ويملك الحد لأنه من إكسابه فلم يسقط بمطاوعتها وخالفت الحرة التي تملك ما أباحته من نفها ولا تملكه الأمة. ألا ترى أن الحرة لو بذلت قطع طرف من أطرافها لم يضمنه القاطع؛ لأن الباذل له مالك ولو بذلته الأمة ضمنه القاطع؛ لأن الباذل له غير مالك. وهذا اختيار ابن سريج.
وأما الفصل الثالث: وهو ثبوت التحريم فالتحريم من وجهين:
أحدهما: تحريمها على الابن.
والثاني: تحريمها على الأب.