السيد على يوم ويوم كان ما كسبه في يومه ملكا له وما كسبه في يوم سيده ملكا لسيده وان لم يهايئه كان نصف ما كسبه العبد في كل يوم ملكا لنفسه ونصفه ملكا للسيد فإذا اشترى بما ملكه من كسبه أمة ملكها مستقرأ: لأنه ملك بحريته بتمليك سيده لكن ليس له وطئها بغير إذن سيده وان ملكها لأمرين:
أحدهما: أن أحكام الرق عليه أغلب في جميع أحكامه فكذلك في تسريه.
والثاني: أن الحرية لا تتميز في أعضائه من الرق فكل عضو منه مشترك الحرية والرق فلم يجز أن يطأ بعضو بعضه مرقوق للسيد إلا بإذنه كما لو كان جميعه مرقوقا فإذا ثبت هذا فالشرط في إباحة تسريه أذن السيد دون تمليكه وأن افتقر في العبد إلى تمليكه وإذنه لأن هذا مالك فلم يفتقر إلى تمليكه والعبد غير مالك فافتقر إلى تمليكه فإذا أذن له جاز تسريه فإن أولدها صارت له أم ولد وحرم بيعها بكل حال: لأنها ملكت بحريته فجرى عليها حكم أمهات الأولاد, وكان أولاده منها أحرارا لاختصاصهم بحريته دون رقة.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عنه: "وَلَا يَفْسَخ نٍكَاحَ حَامِلً مِنْ زِناً وَأُحِبُّ أَنْ تُمْسَكَ حَتَّى تَضَعَ. وَقَالَ رَجُلٌ لِلْنَّبِيَ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ امْرَأَتِي لاَ مِس قَالَ: "طَلَّقْهَا" قَالَ: إِنَّي أُحِبُّهَا قَالَ: "فَأَمْسِكْهَا". وَضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رّضِي الله عَنْهُ رَجُلاً وامُرَأةً في زِناً وَحَرَصَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَبَى الغُلاَمُ".
قال في الحاوي: اعلم أننا نكره للعفيف أن يتزوج بالزانية ونكره للعفيفة أن تتزوج بالزاني لعموم قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً والزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا} النور: (3) ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فعليك بذات الدين تربت يداك" وإذا كان كذلك فالكلام في نكاح الزانية يشتمل على ثلاثة فصول:
أحدها: في الرجل إذا زنا بامرأة هل يحل به نكاحها أم لا؟
والثاني: في زوجة الرجل إذا زنت هل يبطل نكاحها أم لا؟
فأما الفصل الأول في الرجل إذا زنا بامرأة فيحل له أن يتزوجها وهو قول جمهور الصحابة والفقهاء. وذكر عن علي بن أبي طالب رضوان ا~ عليه والحسن البصري أنها قد حرمت عليه أبدا فلا يجوز أن يتزوجها بحال.
وقال أبو عبيدة وقتادة وأحمد بن حنبل وإسحاق: إن تابا من الزنا حل أن يتزوجها وان لم يتوبا لم يحل.
قالوا: والتوبة أن يخلو أحدهما بصاحبه فلا يهم به استدلالا بقوله تعالى: {الزَّانِي لا