الشافعي وجمهور الفقهاء أن النكاح صحيح لا ينفسخ بزناها وهو قول الصحابة إلا حكاية عن علي بن أبي طالب ورضوان الله عليه أن نكاحها قد بطل وهو قول الحسن البصري لتحريم اجتماع المائين في فرج.
ودليلنا مع ما قدمناه من حديث عائشة ما رواه أبو الزبير عن جابر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس قال: "طلقها" قال: إني أحبها قال: "استمتع بها" فكنى بقوله: "لا ترد يد لامس" عن الزنا فأمره بطلاقها ولو انفخ نكاحها بالزنا لما احتاج إلى طلاق ثم لما أخبره أنه يحبها أذن له في الاستمتاع بها ولو حرمت عليه لنهاه عن الاستمتاع بها ولا أعلمه تحريمها. فإن قيل: فالمراد بقوله: "لا ترد يد لامس" أنها لا ترد متصدقا طلب منها ماله. قيل: هذا خطأ من وجهين:
أحدهما: أنه لو أراد هذا لقال لا ترد يد تلتمس لأن الطالب يكون ملتمسا واللامس يكون مباشرا فلما عدل إلى يد لامس خرج عن هذا التأويل:
أحدهما: أنه لو أواد هذا لقال لا ترد يد ملتمس, لأن الطالب يكون ملتمسا واللامس يكون مباشرا فلما عدل إلى يد لامس خرج عن هذا التأويل.
والثاني: أنها لو كانت تتصدق بماله لما خرج قوله فيها مخرج الأم ولما أمر بطلاقها ولأمره بإحراز ماله منها.
وروي أن رجلا قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسودا فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لعل عرقا نزعه" فكان ذلك منه كناية عن زناها بأسود فلم يحرمها عليه, ولأن العجلاني أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وجد مع امرأته رجلا فلاعن بينهما ولم يجعلها بالزنا حراما.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزنوا فتزني نساءكم فإن بني فلان زنوا فزنت نساؤهم" فدل هذا على بقائهم مع الأزواج بعد الزنا فأما تحريم اجتماع المائين في فرج فنحن على تحريمهما وإذا اجتمعا ثبت حكم الحلال منهما وسقط حكم الحرام.
الفصل:
وأما الفصل الثالث: في الزنا هل يتعلق عليه شيء من أحكام النكاح أم لا؟ فالكلام في هذا يشتمل على فصلين:
أحدهما: في الزنا هل ينشر عنه حرمته في تحريم المصاهرة حتى تحرم عليه أمهاتها