فأما الجمع بين المرأةً وبين بنت عمتها أو بينهما وبين بنت عمها فيجوز وكذلك الجمع بين المرأةَ وبنت خالتها أو بينهما وبين بنت خالتها فيجوز؛ لأن إحداهما لو كان رجلًا لجاز آن يتزوج بنت عمه وبنت عمته وبنت خاله وبنت خالته وهذا هو أصل في تحريم الجمع وإحلاله بين ذوات الأنساب وبهذا المعنى حرمنا عليه الجمع بين المرأةَ وعمةُ أبيهما وعمةُ أمها وبينهما وبين خالةَ أبيها وخالةَ أمها؛ لأن أحدهما لو كان رجلًا حرم عليه نكاح الأخرى، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: " فَإذاً تَزَوُّجَ امرأة ثَمَّ تَزَوُّجَ عَلَيهَا أُخَتْهَا أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا وَإِنَّ بَعَّدَتْ فَنِكَاحَهَا مفسوخ دَخَلَ أَوْ لَمْ يُدْخَلْ وَنِكَاحَ الأولى ثَابِتَ وَتَحِلُ كُلَّ واحدَةً مِنْهُمَا عَلَى الْاِنْفِرادِ وَإِنَّ نَكَحَهَا مَعَّا فَالنِّكَاحَ مفسوخ "
قال في الحاوي: اعلم أن الجمع بين مناكح ذوات الأنساب ينقسم ثلاثة أقسام:
قسم يوجب تحريم المصاهرةً على التأبيد وقسم يوجب تحريم المصاهرةً في الجمع لا على التأبيد وقسم إباحةُ لا يوجب التأبيد ولا تحريم الجمع.
فأما القسم الأول: وهو تحريم التأبيد ففي أنساب البغضيةً والولادةً كالمرأةَ في تحريم أمهاتها وبناتها عليه يحرمن على الأبد.
وأما القسم الثاني: وهو تحريم الجمع في حال العقد ممن غير تحريم على التأبيد ففيما تجاوز الولادةً واتصل بها من ذوات المحارم كالجمع بين الأخوات والحالات والعمات لما تزلن عن درجةُ الأمهات والبنات في التعصيب لم يحرمن على التأبيد ولما شاركتهن في المحرم حرمن تحريم الجمع.
وأما القسم الثالث: وهو من لا يحرمن على التأبيد ولا على وجه الجمع فمن عدا الفرقين من بنات الأعمام والعمات، وبنات الأخوال والحالات لما نزلن عن الدرجتين ولم يكن لهن بعصبةُ الأمهات والبنات ولا محرم العمات والحالات لم يتعلق عليهن واحد من حكم التحريم لا التأبيد ولا الجمع، وجاز للرجال أن يجمع بين أرع منهن وإن تناسبن لبعد النسب وخلوه من معنى أحد التحريمين.
فصل:
فإذا تقررت هذه المقدمةً وأن تحريم الجمع يختص به ذوات المحارم من نسب أو رضاع كالأخوات والعمات والخالات فنكح الرجل أختين أو امرأةً وخالتها وعمتها فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يعقد عليهما معًا في عقد واحد فنكاحهما باطل؛ لأنه لما حرم الجمع