والعقوق قبل الدخول كإفضائه بعده فلم يجعل الدخول شرطًا.
فأما الآيةً فقد ذكرنا وجه دلائلنا معها وإنما الاستشهاد بعود الاستثناء إلى ما تقدم من الطلاق والعتق واليمين فلأن يصح أن يرجع الاستثناء إلى كل واحد من الجملةً المتقدمةً فجاز مع الإطلاق أن يرجع إلى جميعها وليس كذلك هاهنا لما بيناه.
فصل:
فإذا ثبت أن تحريم الأم على الإطلاق وتحريم الربيبةً مشروط بالدخول فقد اختلف الناس في الدخول الذي تحرم به الربيبةُ.
فقال أبو حنيفة: هو النظر إلى فرج الأم بشهوةً فتحرم به الربيبةً وقال عطاء وحماد: هو التعيش والعقود بين الرجلين.
وقال الشافعي: إن الدخول الذي تحرم به الربيبةً يكون بالمباشرةً وله فيه قولان:
أحدهما: أن الوطء في الفرج.
والثاني: أنها القبلةَ والملامسةً بشهوةً وإن لم يطأ.
واستدل أبو حنيفة: بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "لا ينظر الله إلى رجل نظر في فرج امرأة وابنتها" قال: ولأنه تفرع استمتاع فجاز أن يتعلق به تحريم المصاهرة كالوطء.
ودليلنا قوله تعالى: {مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} النساء: (23) ولا ينطلق اسم الدخول إلا على المباشرةً دون النظر ولأنه استمتاع لا يوجب الغسل فلم يوجب تحريم المصاهرةَ كالنظر إلى وجهها ولأن النظر إلى الوجه والبدن أبلغ في اللذةً والاستمتاع من النظر إلى الفرج فإذا كان لا يحرم فما دونه أولى فأما الخبر فروايةَ حفص بن غياث عن ليث عن حماد عن إبراهيم عن علقمةَ عن عبد الله موقوفًا وعلى أنه محمول على الوطء فكنى عنه بالنظر إلى الفرج.
وأما قياسهم فمنتقض بالنظر إلى الوجه ثم المعنى في الأصل أنه يوجب الغسل.
فصل:
فإذا تقرر تحريم الربائب بالدخول على ما وصفنا فلا فرق بين أن يكون في تربيته وحجره أم لا وهو قول الجمهور من الصحابةً والتابعين والفقهاء.
وقال داود: إنما تحرم عليه إذا كان في تربيته وحجره وحكاه مالك عن أوس عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه استدلالًا بقوله تعالى: {ورَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ} فعلق تحريم الربائب بشرطين:
أحدهما: أن يكون في حجره.