كان بملك يمين لم يحد وإن علم.
والفرق بينهما أن الزوجةً يستباح وطئها بالعقد وقد بطل توجب فيه الحد والأمةً يستباح وطئها بالملك والملك لم يبطل فلم يجب بالوطء فيه حد وخالف وطئ أخته بالملك في وجوب الحد على أحد القولين مع ثبوت الملك، لأن تحريم وطء أخته مؤبد وتحريم وطء أمتهِ لعارض يزول ولا تأبد فافترق حكم تحريمها فلذلك افترق وجوب الحد فيهما هذا كله إذا كان وطء أمته في الفرج فأما إن كان وطئها دون الفرج أو قبلها أو لمسها فهل يتعلق به ما ذكرنا من تحريم المصاهرةً أم لا؟ على قولين كما ذكرنا في تحريم الربيبةً:
أحدهما: لا يتعلق به تحريم المصاهرةً فعلى هذا يحل له أمهاتها وبناتها وتحل لآبائه وأبنائه.
والثاني: قد تعلق به تحريم المصاهرةً كما لو وطء في الفرج فعلى هذا يحرم عليه أمهاتها وبناتها ويحرم على آبائه وأبنائه.
فأما إن نظر إليها بشهوةً أو لمسها من وراء ثوب بشهوةً أو غير شهوةً أو ضاجعها غير مباشر بشيء من جسده إلى شيء من جدها مريدًا لوطئها أو غير مريد لم يتعلق بذلك تحريم ما لم يكن أفضى بمباشرةُ الجسدين، وحكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن من جرد أمته ولم يطأها حرمت عليه أمها وبنتها وهذا ليس بصحيح: لأنه عزم والعزم ليس يفعل فلا يتعلق به حكم الفعل.
فصل:
وإن وطئ الرجل امرأةً بشبهةَ نكاح أو ملك ثبت به تحريم المصاهرةً فحرمت عليه أمهاتها وبناتها وحرمت عليه آبائه ولا يحرم عليه أخواتها وعماتها وخالاتها؛ لأن تحريم أولئك تحريم تأبيد وتحريم أولئك تحريم الجمع والموطوءة بشبهةً محرمةً فلم يحصل الجمع ثم هل يصير هذا الوطء محرمًا لأمهات هذه الموطوءة لبناتها وهل يصير آباؤه وأبناؤها محرمًا لها أم لا؟ على قولين:
أحدهما: قاله في القديم أن يثبت بالمحرم كما يثبت به التحريم.
والثاني: نص عليه في "الإملاء" أنه لا يثبت به المحرم وإن ثبت به التحريم لأنه تعلق به التحريم تغليظًا فاقتضى أن ينفي عنه المحرم تغليظًا.
مسالة:
قال الشافعي: "فَإِنَّ وَطْءَ أُخَتْهَا قَبْلَ ذَلِكَ اِجْتَنَبَ الَّتِي وَطْءَ أَخَّرَاً وَأَحْبَبْتُ أَنْ يَجْتَنِبَ الْوَلِيُّ حَتَّى يَسْتَبْرِئ الآخِرةَ"
قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا وطئ أمته ثم وطئ أختها بالملك قبل تحريم