أحدهما: أنه لا يمنعها منع تحريم خوفًا من أن يظن أن منعهن من إتيان المساجد واجب.
والثاني: أن الرواية: "لا تمنعوا إماء الله مسجد الله" يريد به المسجد الحرام في حجة الإسلام ثم هكذا يمنعها من الخروج إلى الأعياد ثم إذا كان له منعها من الخروج إلى هذه العبادات كان بأن يمنعها من الخروج بغير العبادات أولى.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَيَمْنَعُهَا مِنْ شُرْبِ الخَمْرِ وَأَكِلِ الخَنْزِيرِ إِذَا كَانَ يَتَقَدَّرُ بِهِ مِنْ أَكْلِ مَا يَحِلُّ إِذَا تَأَذَّى بِرِيحِهِ".
قال في الحاوي: أما الذمية فللزوج أن يمنعها أن تشرب الخمر والنبيذ وما يسكرها لأمرين:
أحدهما: ربما أنه خاف على نفسه من سكرها.
والثاني: أنه قدر ربما منعته من الاستمتاع بها فصار بكل واحد من الأمرين غير ممكن من الاستمتاع فلذلك جاز أن يمنعها منه قوًلا واحدًا فإما إن أردت أن تشرب من الخمر والنبيذ ما لا يسكرها فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة إن له منعها من يسيره الذي لا يسكر كما يمنعها من كثيره الذي يسكر؛ لأن حدّ المسكر منه غير معلوم، وربما أسكرها اليسير ولم يسكرها الكثير؛ لأن السكر يختلف باختلاف الأمزجة والأهوية، فالمحرور يسكره القليل والمرطوب لا يسكره إلا الكثير، وإذا برد الهواء واشتد أسكر القليل، وإذا حمي الهواء لم يسكر إلا الكثير، فلم يجز مع اختلافه أن يغترف حال قليله وكثيره.
والثاني: وهو قول أبي حامد الإسفراييني لما لم يذكر أمارة تدل على أن الزيادة بعدها مسكرة وهذا القدر لا يمنع من الاستمتاع ولكن ربنا عافته نفوس المسلمين لاسيما من قوي دينه وكثر تحرجه فيصير مانعًا له من كمال الاستمتاع فيحرم جواز منعها على قولين.
والثالث: ليس له منعها من شرب القليل الذي يردن شربه في أعيادهم عبادة وله أن يمنعها من الزيادة عليه سواء أسكر أو لم يسكر مراعاة فيه العابدة ولم يراعى فيه السكر وهذا الوجه أشبه. فأما المسلمة فللزوج منعها من شرب الخمر قليله وكثيره وكذلك من سائر المحرمات فأما النبيذ فإن كان الزوجان شافعيين يعتقدان تحريم النبيذ كالخمر فله منعها من قليله وكثيره وإن كانا حنيفيين يعتقدان إباحة النبيذ كان كالخمر في حق الذمية فله منعها أن تشرب منه قدر ما يسكرها، وهل يمنعها من قليله الذي لا يسكرها فعلى قول أبي