والثاني: يجوز أن يكن قد أسلمن لأنه في النساء رقة لا يثبتن معها بعد السبي على دين وأما الاستدلال باتساع حكمهن في العدد فليس للعدد تأثير في أوصاف التحريم كا لم يكن له تأثير في ذوات الأنساب, والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "وَلَا أَكْرَهُ نِكَاحَ نِسَاءِ أَهْلِ الحَرْبِ إِلَّا لِئَلَّا يُفْتَنَ عَنْ دِيِنِه أَوْ يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ".
قال في الحاوي: وهو كما قال: لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية الحربية في دار الإسلام ودار الحرب, وأبطل العراقيون نكاحها في دار الحرب بناء على أصولها في أن عقود دار الحرب باطلة وهي عندنا صحيحة, ولأن صحة العقد ونساؤه معتبر بالعاقد والمعقود عليه دون الولد. ولأن الله تعالى قال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} المائدة: 5 ولم يغرم, ولأن الحرية في إباحتهن الكتاب دون الدار, ولأنه لما جاز وطئهن بالسبي فأولى أن يجوز وطئهن بالنكاح, ولأن من حل نكاحها في دار الإسلام حل نكاحها في دار الحرب كالمسلمة, فإن صلح نكاح الحربية فهو عندنا مكروه لثلاثة أمور:
أحدها: لئلا يفتن عن دينه بها أو بقومها فإن الرجل يصبو إلى زوجته بشدة ميله.
والثاني: لئلا يكثر سوادهم بنزوله بينهم وقد قال النبي صَلَى الله عليه وسلم: "من كثر سواد قوم فهو منهم".
والثالث: لئلا يسترق ولده وتسبي زوجته لأن دار الحرب ثغر وتنغم فإن سبي ولده لم يسترق لأنه حر مسلم وإن سبيت زوجته ففيه قولان:
أحدهما: يجوز استرقاقها لأن ما بينهما من عقد النكاح هو حق له عليها بالدين ولو كان له عليها دين لم يمنع من استرقاقها كذلك النكاح.
والثاني: أنه قد ملك بعضها بالنكاح فلم يجز أن يستهلك عليه بالاسترقاق كما لو ملك منافعها بالإجارة ورقبتها بالشراء.
باب التعريض بالخطبةمسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى يَدُّلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ فِي العِدَّةِ جَائِزٌ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التَّعْرِيضِ وَقَدْ ذَكَرَ القَسَم بَعْضَهُ وَالتَّعْرِيضُ كَثِيرٌ, وَهُوَ خِلَافُ