باختلاف الدين وإن أسلمن في عددهن سقط حقهن في اختيار الفسخ لما تقدم من اختيار المقام.
فصل:
وأما القسم الثالث: وهو أن يمسكن في الشرك فلا يخترن بعد العتق مقامًا ولا فسخًا فمذهب الشافعي أن لهن إذا أسلمن أن يخترن الفسخ ولا يكون إمساكهن عنه إسقاطًا لحقهن منه لأن اختيارهن قبل الإسلام موقوف وبعد الإسلام نافذ فجاز تأخير منه قال لأن ما تقدم من الشرك هدر والإسلام يجبّ ما قبله وهذا خطأ لأنه لو أوجب أن يكون الخيار هدر لأوجب أن يكون النكاح والطلاق هدر ولما لزم في الإسلام حكم عقد تقدم في الشرك وفي فساد هذا دليل على فساد ما أفضى إليه وإذا ثبت أن لهن الخيار بعد الإسلام فالجواب فيه إن اختزن الفسخ أو المقام على ما مضى.
مسألة؛
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ اجْتَمَعَ إِسْلامُهُنَّ وَإِسْلَامُهُ وَهُنَّ إِمَاءٌ ثُمَّ أُعْتِقْنَ مِنْ سَاعَتِهِنَّ ثُمَّ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ إِذَا أَتَى عَلَيْهُنَّ أَقَلَ أَوْقَاتَ الدُّنْيَا وَإِسْلَامُهُنَّ وَإِسْلَامُهُ مُجْتَمِعٌ".
قال في الحاوي: وصورتها في عبد تزوج في الشرك بأربع زوجات إماء وأسلم وأسلمن معه ثم أعتق الإماء فلهن الخيار بالعتق وبين المقام أو الفسخ وفي مدة خيارهن ثلاثة أقاويل:
أحدها: وهو أصح أنه على الفور معتبر بالإمكان فمتى أمكنهن تعجيل الفسخ فأخرنه بعد المكنة زمانًا وإن قل بطل خيارهن لأنه خيار استحقته لنقص الزوج بالرق عما حدث من كمالهن بالحرية فجرى خيار الرد بالعيوب واستحقاقه على الفور.
والثاني: أنه ممتد الزمان إلى ثلاثة أيام كالخيار في المصراة.
والثالث: أنه باق لهن وإن تطاول بهن الزمان ما لم تمكن من أنفسهن أو يصرحن بالرضي اعتبارًا بأن ما لا يخالف حالهن في الفسخ فهن باقيات على حكمه. فأما المزني فإنه اعترض على الشافعي فيما ذكره من استحقاق الخيار على الفور بثلاثة فصول:
أحدها: أن حكي عنه بخلاف فقال: قطع في كتابين بأن لها الخيار وهذا الاعتراض ليس بشيء لأن قول الشافعي في مدة الخيار مختلف وإنما ذكر في هذا الموضع أصح أقاويله عنده.
والثاني: احتج فيه على أن الخيار على التراخي دون الفور بأن الشافعي قال: وإن أصابها فادعت أنها كانت على حقها وهذا على ضربين: