لم يكن طلاقًا وهل يكون فسخًا أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يكون فسخًا لأن المفسوخ نكاحها محرمة.
والثاني: لا يكون فسخًا لأمرين:
أحدهما: أن الكناية إذا تجردت عن نية لم يتعلق بها حكم.
والثاني: أنه حكم ثبت بعد الفسخ فاقتضى أن يتقدمه ما يقع به الفسخ فلو قال: قد فارقتها كان فسخًا ولو قال: قد طلقتها كان اختيارًا.
والفرق بينهما وإن كانا صريحين في طلاق الزوجات أن الطلاق لا يقع إلا على زوجة فلذلك جعلنه اختيارًا والفراق قد يقع على زوجته فيكون طلاقًا وعلى غير زوجته: فيكون إبعادًا فلذلك جعل فسخًا فلو قال: أردت بالفراق الطلاق قبل منه وصار اختيارًا وطلاقًا ولو قال: أردت بالطلاق الفسخ لم يقبل منه لأنه الطلاق لا يصح إلا على زوجته والفسخ لا يكون هاهنا إلا بغير زوجته فأما إذا قال: قد سرحتها كان كالفراق فسخًا لأنه أشبه بمعناه فإن أراد به الطلاق صار اختيار كالفراق فأما إذا ظاهر منها أو آلى لم تكن اختيارًا ولا فسخًا لأن الظهار والإيلاء قد تخاطب به الزوجة وغير الزوجة وإن لم يستقر حكمها إلا في زوجته وإذا لم يكن الظهار في الحال اختيارًا ولا فسخًا نظر في التي ظاهر منها وإلى فإن اختار فسخ نكاحها سقط حكم ظهاره وإيلائه وإن اختار جنس نكاحها ثبت ظهاره وإيلاؤه منها لأنها كانت زوجته وقت ظهاره وإيلائه.
فصل:
فأما إذا وطئ من الثماني الموقوفات على اختياره وفسخه أربعًا فهل يكون وطؤه اختيارًا لهن كما يكون وطء البائع للجارية المبيعة في خيار الثلاثة اختيارًا لفسخ البيع؟ فعلى هذا قد ثبت بوطئهن اختيار نكاحهن وانفسخ به نكاح من عداهن.
والثاني: أن لا يكون اختيارًا لأن الاختيار يجري مجرى عقد النكاح والنكاح لا يعقد إلا بالقول دون الفعل كذلك الاختيار وخالف الفسخ في البيع لأنه استفادة ملك والأملاك قد تستفاد بالملك كالسبي وبالقول كالبيع فجاز أن يستفاد ملكه بالقول والفعل فعلى هذا يكون على خياره من شاء من الموطوءات وغيرهن فإن اختار إمساك الموطوءات ثبت نكاحهن وكانت إصابته لهن إصابة في زوجته فلا يجب لهن مهر ولا يجب عليهن عدة وإن اختار إمساك غير الموطوءات ثبت نكاحهن بالاختيار وانفسخ نكاح الموطوءات وكانت إصابته لهن إصابة شبهة لأجنبيات فلا حد عليه لأجل الشبهة وعليه لهن مهور أمثالهن وعليهن العدة وتكون عدة الفسخ والإصابة معًا يتربص بأنفسهن أبعد الأجلين وهو الفسخ لأنه بعد الوطء.
فصل:
فإذا تقرر ما وصفناه من حكم اختياره وفسخه فأقام عن الامتناع منهما فلم يختر ولو