فرع
الوسخ الذي ينفصل عن الآدمي في الحمام حكمه حكم ميتة الآدمي نجس يعفي عن قليله؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منه كدم البراغيث، وفسر بعض أصحابنا القليل بالشعرة
والشعرتين، وقال: إذا وقع في الماء القليل فإنه يعفي عنه، ذكره أهل العراق. وفيه نظر؛ لأن العفو عن يسير النجاسة لا يكون في الماء؛ لأنه يتعدى وينتشر بخلاف الثوب.
فإذا تقرر هذا، قال الشافعي: "وَلَوْ كَانَ الصَّوفُ وَالْشَّعْرُ وَالْرَّيشُ 35 ب/ 1 لاَ يَمُوتِ بِمَوْتِ ذَوَاتِ الرُّوحِ، أَوْ كَانَ يَطْهُرُ بِالدَّبَاغِ لَكَانَ ذَلِكَ في قَرْنِ الْمَيْتَةِ وَسَبيِّهَا، وَجَازَ في عَظْمِهَا، لأَنَّه قَبْلَ الدِّباغِ وبَعْدَهُ سَوَاءُ".
وقصد به الرد على مالك لا على أبي حنيفة، وكان الشافعي شك في مذهبه فلم يتيقن أنه يقول: لا ينجس الأشياء البادية بالموت أصلاً، أو يقول: تنجس ولكنها تطهر بالدباغ فألزمه الدليل على
.... فقال: إن زعمت أنها لا تنجس بالموت فهلا قلت ذلك في السن والعظم والقرن، وإن زعمت أنها تنجس ثم تطهر بالدباغ، فهلا قلت ذلك في هذه الثلاثة أيضاً؛ لأن هذه الأشياء الستة قبل الدباغ وبعده سواء، لا تأثير للدباغ فيها كتأثيره في الجلد. ومن أصحابنا من قال: إنه قصد به الرد على أبي حنيفة ومالك، وتقديره: ولو كان الصوف والشعر والريش لا يموت بموت ذات الروح، كما قال أبو حنيفة، أو كان يطهر بالدباغ كما قال مالك، كان س في قرن الميتة وسيما دليل على أبي حنيفة، إلا أنه لا يسلم ذلك، فننقل الكلام إليه، واحتج بقوله تعالى: {قَالَ مَن يُحْيِي اَلَعِظَامَ وهِيَ رَمِيمٌ} يس: 78. وقوله: وكان في عظمها دليل على مالك والأول أصح. وعلى هذا قوله: "وجاز في عظمها".لم يقتصر فيه على مجرد العطف كما اقتصر في السن تحسيناً للعبادة، ولا معنى له غيره، فتقديره: لكان ذلك قي قرن الميتة وسنها وعظمها.
فرع
إذا ماتت شاة وفي ضرعها 36 أ/ 1 لبن كان نجساً لا يحل شربه.
وقال أبو حنيفة، وداود: يحل شربه؛ لأن السحابة لما فتحوا المدائن أكلوا الجبن، وهو يعمل بالأنفحة، وهي تؤخذ من صغار المعز فهي بمنزلة اللبن، وذبح المجوس بمنزلة موت الحيوان، وهذا غلط؛ لأنه مائع غير الماء، وفي وعاء نجس فكان نجساً، كما لو حلب في إناء نجس ولا علم لنا بما ذكروه عن الصحابة.
فرع آخر
إذا ماتت دجاجة وفي جوفها بيضة، فإن كانت رخوة ضعيفة فهي كاللبن، وإن كانت