طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة»، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطوع»، فأدبر الرجل، وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق دخل الجنة وأبيه إن صدق».
وفي هذا الخبر خمسة أدلة:
أحدها: أنه قال: خمس صلوات، ولم يقل: ست صلوات.
والثاني: لما قال: هل علي غيرهن؟ قال: لا.
والثالث: قال: إلا أن تطوع فسمى الزيادة تطوعاً.
والرابع: قال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فأقره عليه.
والخامس: قال: أفلح ومدحه.
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا»، يعني إن فعل ذلك فهو من أهل الجنة. قال: قال الإمام أبو سليمان رحمه الله قوله: «أفلح وأبيه» كلمة جارية على لسان العرب يريدون بها التوكيد وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن يحلف الرجل بأبيه» فيحتمل أن يكون هذا القول منه قبل النهي، ويحتمل أنه جرى هذا منه على عادة الكلام الجاري على الألسن ولم يقصد به القسم كلغو اليمين المعفو عنه. وقيل: يحتمل الإضمار وتقديره: أفلح ورب أبيه.
مسألة: قال: "ولا يصلي في غير هاتين الحالتين إلا إلى البيت إن كان معايناً".
الفصل
وهذا كما قال المعاين للبيت يجب عليه استقباله، ولا يجوز له الصلاة إلى جهته بلا خلاف 48 أ/ 2، وأما الغائب عن البيت. قال في «الأم»: يجب عليه إصابة العين وظاهر ما نقل عن المزني أنه يجب عليه طلب جهة القبلة، فمن أصحابنا من قال: هذا قوله، ولا يعرف للشافعي، وهو اختيار أبي حامد.