نِكَاحُهَا لأنَّهُ لًمْ يَنْكِحهَا عَلَى الأبَدِ".
قال في الحاوي: أما إذا نكح في الشرك نكاح متعة وهو أن يقول: أمتعيني نفسك سنة فإذا أسلما عليه فلا نكاح بينهما لأنهما إن أسلما بعد انقضاء المدة فلا نكاح وإن أسلما قبل انقضائها فلم يعتقد تأييده والنكاح ما تأبد وأما إذا نكحها بخيار فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون الخيار مؤبدًا فالنكاح إذا أسلما عليه باطل لأنهما لم يعتقدوا لزومه والنكاح ما لزم.
والثاني: أن يكون الخيار مؤقتًا فهو على ضربين:
أحدهما: أن يسلما ومدة بالخيار باقية فالنكاح باطل لما ذكرنا.
والثاني: أن يسلما بعد انقضاء مدة الخيار فالنكاح جائز لأن ما انقضى مدة خياره صار معتقد اللزوم وأما إن نكحها في العدة ثم أسلما فإن كانت العدة وقت إسلامها باقية فالنكاح باطل لأنه لا يجوز أن يبتدئ العقد عليها فلم يجز أن يقيم على نكاحها وإن كانت العدة قد انقضت وقت إسلامهما ففيه وجهان:
أحدهما: أن النكاح باطل لأن العدة لا تنقضي إذا كانت تحت زوج فصارت مسلمة مع بقاء العدة.
والثاني: أن النكاح صحيح لأن مناكح الشرك معفو عنها وإذا أسلمت بعد انقضاء مدة العدة فقد استهلكتها على الزوج الأول في الشرك فسقط حكمها وإن كانت المدة باقية لم تستهلك ما بقي منها فافترقا.
فأما إذا قهر المشرك في دار الحرب مشركة على نفسها فزنى بها ثم أسلما فإن كانوا يعتقدون في دينهم أن القهر على النفس نكاح مستدام صار ذلك من عقود مناكحهم المعفو عنها فيحكم بصحة النكاح بعد الإسلام وإن كانوا لا يعتقدونه في دينهم نكاحًا فلا نكاح بينهما إذا أسلما.
باب الخلاف في إمساك الأواخرقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمْهُ اللهُ: "وَاحْتَجَجْتُ عَلَى مَنْ يُبْطِلُ الأَوَاخِرِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لابْنِ الدَيْلَمِيِّ وَعِنْدَهُ أَخْتَانِ: "اخْتَرْ أَيَّتُهُمَا شِئْتَ وَفَارِقِ الأُخْرَى" وَبِمَا قَالَ لِنَوْفَلَ بنُ مُعَاوِيَةَ وَتَخيِيرهِ غَيْلَانَ فَلَوْ كَانَ الأَوَاخِرُ حَرَامًا مَا خَيَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقُلْتُ لَهُ: أَحْسًنُ حَالَةٍ أَنْ يَعْقدُوهُ بِشهَادَةِ أَهْلَ الأَوْثَانِ. قُلْتُ: وَيُرْوَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكَحُونَ فِي العِدَّةِ وَبِغَيْرِ شُهُودٍ. وَقَالَ: أَجَلْ قَلْتُ: وَهَذا كُلُّهُ فَاسِدٌ فِي الإِسْلاَمِ. قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: فَلَمَّا لَمْ يَسْألِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ العَقْدِ كَانَ عَفْوًا لِفَوتِهِ كَمَا حَكَمَ اللهُ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم؟ بِعَفْوِ الرِّبَا إِذَا