وروى حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة بغسل واحد. وروى: وكن يومئذٍ تسعًا.
ولأن الغسل تداخل كالحدث ويكره أن ينتقل من وطء واحدة إلى وطء واحدة ويصبر حتى تسكن نفسه وتقوى شهوته فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الفهر.
والفهر: هو إذا وطء المرأة انتقل منها إلى أخرى ويكره أن يطأ بحيث يرى أو يحبس به فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوجسِ. وهو: أن يطأ بحيث يسمع حسه.
فصل:
فأما الحرائر فالقسم بينهن واجب إذا طلبنه فإذا أراد أن يطأهن في يوم واحد لم يجز لأن لإحداهن فلم يجز أن يطأ غيرها في يومها إلا أن يحللنه فإذا أحللنه سقط قسمهن وجاز أن يطأهن في يوم واحد بغسل واحد كالإماء، والله أعلم.
باب إتيان النساء في أدبارهنقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ إِلَى إِحْلَالَهِ وَآخَرُونَ إِلَى تَحْرِيمِهِ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ أَنَّ اليَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِها مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة: 223 وَرُوِيَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فِي أَيِّ الخَرِبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ الخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ الخَصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرِهَا فَلَا إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ لَا يَاتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ». قَالَ الشَّافِعِيُّ فَلَسْتُ أُرَخِّصُ فِيهِ بَلْ أَنْهَى عَنْهُ».
قال في الحاوي: أعلم أن مذهب الشافعي وما عليه الصحابة وجمهور التابعين والفقهاء أن وطء النساء في أدبارهن حرام.
وحكي عن نافع وابن أبي مليكة وزيد بن أسلم أنه مباح ورواه نافع عن ابن عمر واختلفت الرواية فيه عن مالك فروى عن أهل المغرب أنه أباحه في كتاب السيرة.
وقال أبو مصعب: سألته عنه فأباحه.
وقال ابن القاسم قال مالك: أدركت أحدًا افتدى به في ديني يشك في أنه حلال وأنكر أهل العراق ذلك عنه ورووا عنه تحريمه لما انتقل ابن عبد الحكم عن مذهب الشافعي إلى مذهب مالك حكي عن الشافعي أنه قال: ليس في إتيان النساء في أدبارهن حديث ثابت والقياس يقتضي جوازه يريد ابن عبد الحكم بذلك نصرة مالك فبلغ ذلك