أحدهما: أن اللباس السكن مقوله {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} الفرقان: 47 أي سكنًا.
والثاني: أن بعضهم يستر بعضًا كاللباس وليس في ذلك على التأويلين دليل لهم.
وأما فساد العقد باستثنائه وسرائه الطلاق به فقد يفسد العقد باستثناء كل عضو ولا يصح الاستمتاع به من فؤادها وكبدها ويسيري من الطلاق إلى جميع بدنها ولا يدل على إباحة الاستمتاع به فكذلك الدبر.
وأما قياسهم على القبل فالمعنى فيه: أنه لا أذى فيه.
وأما استدلالهم بما يتعلق به من كمال المهر وتحريم المصاهرة فغير صحيح لأن ذلك يختص بمباح الوطء دون محظور لألا تراه يتعلق بالوطء في الحيض والإحرام والصيام وإن كان محظورًا فكذلك في هذا.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "فَأَمَّا التَّلَذَذِ بِغَيْرِ إِيلَاجٍ بَيْنَ الإِلْيَتَيْنِ فَلاَ بَاسَ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} المؤمنون:5، 6 ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمن دبرها في قبلها فنعم إن الله لا يستحي من الحق" فدل على إباحة التلذذ بما بين الإليتين.
فصل:
فأما عزل المني عن الفرج عند الوطء فيه فإن كان في الإماء جاز من غير استئذانهن فيه لرواية أبي سعيد الخدري أنه قال: يا رسول الله إنا نصيب السبايا ونحب الأثمان أفنعزل عنهن؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى إذا قضى خلق نسمة خلقها، فإن شئتم فاعزلوا" ولأن في العزل عنها استبقاء لرقها وامتناع من الإفضاء إلى عتقها فجاز كما يجوز أن يمتنع من تدبيرها وإن كانت حرة لم يكن له أن يعزل عنها إلا بإذنها.
والفرق بينهما أن الحق في ولد الحرة مشترك بينهما وفي ولد الأمة يختص السيد دونها.
فصل:
فأما الاستمناء باليد وهو استدعاء المني باليد محظور وقد حكي الشافعي عن بعض الفقهاء إباحته وأباحه قوم في السفر دون الحظر. وهو خطأ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} المؤمنون: 5، 6 فحظر ما سواء الزوجات وملك اليمين وجعل مبتغى ما عداه عاديًا متعديًا لقوله {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ