أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يخطب المحرم ولا يتزوج".
وروى مطر عن الحسن أن عليًا رضي الله تعالى عنه قال: من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته ولم يجز نكاحه.
وروى أبو غطفان عن أبيه أن عمر رضي الله تعالى عنه فرق بين محرمين تزوجا. وروى قدامة بن موسى عن شوذب مولى زيد بن ثابت أنه تزوج وهو محرم ففرق زيد بن ثابت بينهما. فلما روي عنهم التفرقة بين الزوجين ولا يسوغ ذلك في عقد يسوغ فيه الاجتهاد دل على أن النص فيه ثابت لا يجوز خلافه ولأنه معنى ثابت به تحريم المصاهرة فوجب أن يمنع منه الإحرام كالوطء.
فأما الجواب عن حديث ميمونة فقد روى ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم عن ميمونة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها وهما حلالان.
وروى ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة حلالًا وبني بها حلالًا وكنت أنا الرسول بينهما. وأما حديث ابن أبي مليكة عن عائشة فضعيف لا أصل له عند أصحاب الحديث وإن صح فيجوز أن يكون فعل ذلك في أول الإسلام قبل تحريم نكاح المحرم على أن أبا الطيب بن سلمة جعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخصوصًا بالنكاح في الإحرام.
وأما القياس على شراء الإماء فليس المقصود منه الاستمتاع لجواز شراء المعتدة وذات المحرم وكذلك المحرمة والمقصود من عقد النكاح الاستمتاع إذ لا يجوز أن ينكح معتدة ولا ذات محرم وكذلك المحرمة فأما الرجعة فتحل للمحرم لأنها سد ثم في العقد ورفع تحريم طرأ عليه وليست عقداً مبتدأ فجازت في الإحرام ألا ترى أن العبد يراجع بغير إذن سيده وإن لم يجز أن ينكح بغير إذنه اعتبارًا بهذا المعنى.
فصل:
فإذا تقرر ما وصفنا أن نكاح المحرمات باطل فمتى كان الزوج محرمًا فوكل حلالًا في العقد كان النكاح باطلًا لأنه نكاح المحرم ولو كان الزوج حلالًا فوكل محرمًا كان النكاح باطلًا لأنه نكاح عقده محرم وهكذا لو كان الولي محرمًا فوكل حلالًا أو كان حلالًا فوكل محرمًا كان النكاح باطلًا.
فأما الحاكم إذا كان محرمًا لم يجز له أن يزوج مسلمة وهل يجوز له أن يزوج كافرة أم لا على وجهين:
أحدهما: لا يجوز كالمسلمة.