أحدهما: ما للولي أن يمنعها من نكاح من هي وذلك الجنون والخبل لما فيه من عار على الأولياء فكان لهم دفعه عنهم بالامتناع.
والثاني: ما ليس للولي منعها من نكاح من هي فيه وذلك العنت والجب والخصاء لأنه عارف فيه على الأولياء وإنما يختص بعدم الاستمتاع الذي هو حق لها دون الأولياء.
والثالث: ما اختلف فيه أصحابنا هو الجذام والبرص وفيه وجهان:
أحدهما: ليس للولي منعها من مجذوم ولا أبرص لاختصاصها بالاستمتاع وهذا قول أبى إسحاق المروزى.
والثاني: له منعها منهما لنفور النفوس منهما ولتعدى ذلك إلى نسلها فأما إن حدثت هذه العيوب في الزوج بعد العقد فالخيار لها دون الأولياء فإن رضيت وكره الأولياء كان رضاها أولي ولا اعتراض للأولياء لأن حقهم مختص بطلب الكفاءة في ابتداء العقد دون استدامته.
قَالَ الشافعي رُحِمَهُ اللهَ: "وَلَوْ تَزَوُّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَإِذَا هي كِتابِيَّةً كَانَ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ بَلَا نِصْفُ مَهْرٍ وَلَوْ تَزَوُّجَهَا عَلَى أَنَّهَا كِتابِيَّةٌ فَإِذَا هي مُسْلِمَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا خَيْرً مِنْ كِتابِيَّةٍ. قَالَ المزني رُحِمَهُ اللهَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ اِشْتَرَى أُمَّةٌ عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ، فَأَصَابَهَا مُسْلِمَةً فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرَى أَنْ يَرُدَّهَا وَإِذَا اِشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَوُجِدَهَا نَصْرَانِيَّةً فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا".
قال في الحاوي: قد مضى الكلام في أن خلاف الصفة المشروطة في عقد النكاح هل تجرى مجرى خلاف العين أم لا؟ على قولين فإذا تزوجها على أنها مسلمة فوجدها نصرانية ففي النكاح قولان:
أحدهما: باطل.
والثاني: جائز نص عليه ها هنا وهل له الخيار في فسخ النكاح أم لا؟ على قولين:
أحدهما: لا خيار له.
والثاني: له الخيار نص علي ها هنا.
وهكذا لو تزوجها على أنها نصرانية فكانت مسلمة كان على قولين:
أحدهما: باطل.
والثاني: جائز ولا خيار له قولًا واحدًا لأن المسلمة أعلى حالًا من النصرانية. فأما المزنى فإنه استدل بذلك على أن من اشترى أمة على أنها مسلمة فكانت نصرانية أن له الهيار ولو اشتراها على أنها نصرانية فكانت مسلمة فليس له خيار كالنكاح فرد أصحابنا ذلك عليه وقالوا له: في البيع الخيار في الموضعين بخلاف النكاح لأن المقصود بالبيع