ويقال: امرأة حصان, إذا امتنعت من الفجور, وفرس حصان إذا امتنع به راكبه, ودرع حصن إذا امتنع بها لابسها, فسميت ذات الزوج محصنة؛ لأن زوجها قد حصنها ومنعها, وإذا كان هكذا فالحصانة في النكاح اسم جامع لشروط مانعة إذا تكاملت كان حد الزنا فيها الرجم دون الجلد لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم".
والشروط المعتبرة في الحصانة أربعة:
أحدها: البلوغ الذي يصير به ممنوعًا مكلفًا.
والثاني: العقل لأنه مانع من القبائح موجب لتكليف العبادات.
والثالث: الحرية التي تمنع من البغاء والاسترقاق, وأن كمال الحد فعل يمنع منه نقص الرق.
والرابع: الوطء في عقد نكاح صحيح لأنه يمنع من السفاح وقد قال الله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} النساء: 24 أي متناكحين غير مسافحين.
فأما الإسلام فليس بشرط في الحصانة.
فإذا تكاملت هذه الشروط الأربعة في مسلم وكافر رجم إذا زنا.
وقال مالك وأبو حنيفة: الإسلام شرط معتبر في الحصانة ولا يرجم الكافر إذا زنا استدلالًا بما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا إحصان في الشرك".
وروي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من أشرك بالله فليس بمحصن".
وروي أن حذيفة بن اليمان تزوج يهودية فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنها لا تحصنك", ولأن الإحصان منزلة كمال وتشريف يعتبر فيها نقص نقص الرق فكان بأن يعتبر فيها نقص الكفر أولى ولأنه لما كان الإسلام معتبرًا في حصانة القذف حتى لم يحد من قذف كافرًا وجب أن يعتبر في حصانة الحد حتى لا يرجم الكافر إذا زنا ودليلنا ما روى الشافعي عن مالك بن نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهوديين زنيا والرجم لا يجب إلا على محصن فدل على أنهما محصنان.
فإن قيل: فإنما رجمهما بالتوراة ولم يرجمهما بشريعته لأنه أحضر التوراة عند رجمهما فلما ظهرت فيها آية الرجم تلوح رجمهما حينئذٍ.
قيل: لا يجوز أن يحكم بغير ما أنزل الله تعالى وقد قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا