فإن قيل: فقد نقل المزني عند الشافعي في سواد هذه المسألة كان لها الخيار في أن تأخذه أو تأخذ مثل صقرة.
قيل: قد كان أبو حامد الإسفراييني ينسب المزني إلى السهو في نقله. وأنه خطأ منه في الحكم لأن أصول الشافعي تدفعه على ما ذكرنا.
والذي أراه: أن نقل المزني صحيح ولم يكن منه سهو فيه ولكنه محمول على النقص الذي لا يتناهي على أحد قولي الشافعي إذا كان في الثمرة الحادثة بعد العقد أو في المتقدمة إذا قيل بالقديم إن تلفه موجب بمثل ذي المثل وقيمة غير ذي المثل فيكون عدم التناهي في نقصانه موجبًا للرجوع بمثله في أحد قولي الشافعي لأنه يجعله بعد تناهي نقصانه كالمستهلك، والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَكُلُّ مَا أُصِيبَ فِي يَدَيْهِ بِفِعْلِهِ أَوْ غَيْرِه فَهّوَ كَالغَاصِبِ فِيهِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَيَطَأَهَا فَتَلدُ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخَولِ وَيَقُولُ كُنْتُ أَرَاهَا لاَ تُمْلَكُ إلاَّ نِصْفَهَا حِتَّى أَدْخَلَ فَيَقُومُ الوَلَدُ عَلَيْهِ يَوْمَ سَقَطَ وَيُلُحَقُ بِهِ وَلَهَا مَهْرُهَا وَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَسْتَرقَّهَا فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِمَتَهَا مِنْهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَةٌ وَلاَ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنَّمَا جَعَلْتُ لَهَا الخِيَارَ؛ لأَنَّ الوِلاَدَةَ تُغَيِّرُهَا عَنْ حَالِهَا يَوْمَ أَصْدَقَهَا. قَالَ المُزَنِيٌّ: وَقَدْ قَالَ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَأَصَابَتْ بهِ عَيْبًا فَرَدَّتْهُ أَنَّ لَهَا مَهْرِ مِثْلِهَا وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى. قَالَ المُزَنِيُّ: وَإِذّا لَمْ يَخْتَلِفُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ في البَيْعِ فَلاَ يَجُوزُ أَخْذَ قِيمَةَ مَا رَدَّتُ فِي البّيْعِ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ إِلَى مَا دَفَعَتْ فَإِنْ كَانَ فَائِنًا فَقيمَتُهُ. وَكَذَلِكَ البُضْعُ عِنْدَهُ كَالمَبِيعِ الفَائِتِ وَمَمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي الخُلْع: لَوْ خَلَعَهَا بِعَبْدٍ فَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا أَنَّهُ يَرُدُّهُ. وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَسًوَّى في َّلِكَ بَيْنُهُ وَبَيْنَهَا، وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى ".
قال في الحاوي: أما الصداق فقد ذكرنا أنه مضمون على الزوج فإن طلبته فمنعها فضمانه عليه ضمان غصب أكثر ما كان قيمة وإن لم تطلبه ففي كيفية ضمانه قولان:
أحدهما: ضمان عقد.
والثاني: ضمان غصب.
وأما النماء فإن منعها منه فهو مضمون عليه وإن لم يمنعها منه ففي ضمانه عليه قولان إلا أن يكون هو المتلف له فيلزمه ضمانه قولاً واحدًا. فأما إذا أصدقها أمة ولم يدخل بها حتى وطئ الأمة فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون عالمًا بالتحريم فالحد عليه واجب فإن أكرهها فعليه مهر مثلها وإن طاوعته ففي وجوب المهر قولان: