وحكي عن بعض الفقهاء السبعة بالمدينة أنه إذا كان قبل الزفاف فالقول قولها وإن كان بعد الزفاف فالقول قوله.
وقال مالك: إن كان قبل للدخول فالقول قولها وإن كان بعد الدخول فالقول قوله استدلالًا بالفرق أنها لا تسلم نفسها غالبًا إلا بعد قبض المهر فكان الظاهر بعد الدخول والزفاف مع الزوج فقبل قوله وقبل الدخول والزفاف مع الزوجة فلم يقبل قوله.
وهذا فاسد لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"البينة على المدعي واليمين على من أنكر" والزوج مدع فكلف البينة والزوجة منكره فكلفت اليمين ولأن من ثبت في ذمته حق لغيره لم يقبل قوله في دفعه والديون فأما الاعتبار بالعادة فغير صحيح لأن عادات الناس فيه مختلفة ثم لو اتفقت لما تعلق بها حكم ألا ترى أن مشتري السلعة إذا ادعى دفع ثمنها بعد قبضها لم يقبل قوله.
وإن جرت العادة بأن السلعة لا تسلم إليه إلا بعد قبض الثمن منه.
ولو ادعى للراهن قضاء الدين رد الرهن عليه لم يقيل قوله وإن جرت العادة أن الراهن لا يرد إلا بعد قبض الدين كذلك الزوجة.
مسألة:
قال الشافعي: "فإن قالت المرأة: الذي قبضت هدية وقال: بل هو مهر فقد أقرت بمال وادعت ملكه فالقول قوله".
قال في الحاوي: وهذا كما قال. إذا دفع الزوج إليها مالًا ثم اختلفا فيه فقالت الزوجة: أخذته هبة وصداقي باقٍ وقال الزوج: بل دفعته صداقًا.
فالقول قول الزوج سواء كانت من جنس الصداق أو من غيره وسواء كان مما جرت العادة بمهاداة الزوج بمثله أم لا.
وقال مالك: إن كان مما جرت العادة أن يهديه الزوج للزوجة كالثوب والمقنعة والطيب والحلي فالقول قولها مع يمينها اعتبارًا بالعرف ولها المطالبة بمهرها.
وهذا خطأ؛ لأن الأموال لا تتملك على أربابها بالدعاوى ولأنها لو ادعت هبة ذلك وقد قبضت مهرها لم يقبل قولها فكذلك قبل قبضه. وقد مضي الجواب عما استدل به من الصرف.
فصل:
فإذا ثبت أن القول قول الزوج دونها فإن ادعت أنه صرح لها بالهبة كان لها إحلافه فيكون القول قوله مع يمينه فإن نكل عن اليمين ردت عليها وحكم لها إن خلفت.