فصل:
وأما القسم الرابع: وهو ما اختلف أصحابنا فيه فهو ما رفع يدل المقصود بالعقد وذلك شأن الصداق والنفقة.
فإذا تزوجها على أن لا نفقة لها أبدًا.
فإن كان الشرط من جهتها توجه إلى الصداق دون النكاح لأنه حق لها إن تركته جاز فلذلك توجه إلى الصداق دون النكاح فيبطل الصداق ببطلان الشرط في النفقة وهو باطل باشتراط سقوطه والنكاح جائز ولها مهر المثل والنفقة.
وإن كان الشرط من جهة الزوج فهل يقدح في صحة النكاح أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أنه قادح في صحة النكاح فيكون باطلًا لأن ذلك مقصود العقد من جهة الزوجة فصار كالولي الذي هو مقصود العقد من جهة الزوج.
والثاني: أنه غير قادح في صحة النكاح لجواز خلو النكاح من صداق ونفقة فعلى هذا يختص هذا للشرط بفساد الصداق دون النكاح ويحكم لها بمهر المثل والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أصدقها دارًا واشترط له أو لهما الخيار فيها كان المهر فاسدًا".
قال في الحاوي: اعلم أن عقد النكاح لا يدخله خيار المجلس ولا خيار الثلاث لأنه ينعقد ناجزًا لا تقصد فيه المغابنة والخيار موضوع الاستدراك المغابنة. فإن شرط فيه أحد الخيارين فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يشترطاه أو أحدهما في عقد النكاح فالنكاح بعطل باشتراطه فيه لمنافاته له في اللزوم.
والثاني: أن يكون مشروطًا في الصداق دون النكاح فقد قال الشافعي في الأم ونقله المزني هاهنا: أن الصداق باطل والنكاح جائز.
وقال في الإملاء: النكاح باطل.
فاختلف أصحابنا في اختلاف نصه في هذين الموضعين: فخرجه أبو علي بن أبي هريرة على قولين:
أحدهما: أن الصداق باطل والنكاح جائز، لأن بطلان الصداق لا يقدح في صحة النكاح.
والثاني: أن النكاح باطل لبطلان الصداق ولم يحك عن الشافعي أنه أبطل النكاح لبطلان الصداق إلا في هذا الموقع لأن دخول الخيار في البدل كدخوله في المبدل.