أحدهما: أن يكون مجهول المدة مثل أن يضمن لها نفقتها أبدًا فهذا ضمان باطل لأن ضمان المجهول باطل.
والثاني: أن يكون معلوم المدة مثل أن يضمن لها نفقتها عشر سنين ففي الضمان قولان بناء على اختلاف قولي الشافعي في نفقة الزوجة بماذا وجبت.
فأحد قوليه وهو في القديم وهو قول مالك: أنها وجبت بالعقد وحده وتستحق قبضها بالتمكين الحادث بعده كالصداق الواجب بالعقد والمستحق بالتمكين.
والثاني: وهو قوله في الجديد: أنها تجب بالتمكين الحادث بعد العقد وبه قال أبو حنيفة بخلاف الصداق لأن الصداق في مقابلة العقد فصار واجبًا بالعقد والنفقة في مقابلة الاستمتاع فصارت واجبة الاستمتاع.
فإذا تقرر هذان القولان في وجوب النفقة كان ضمانها مبنيًا عليهما. فإن قلنا: إنها لا تجب إلا بالتمكين يومًا بيوم فضمانها باطل لأنه ضمان ما لم يجب وقد يجب بالتمكين وقد لا يجب بعده.
وإذا قلنا: إنها قد وجبت بالعقد جملة وتستحق قبضها بالتمكين يومًا بيوم صح ضمانها بشرطين:
أحدهما: أن يكون ضمانه للقوت الذي هو الحب والحنطة أو الشعير بحسب قوت بلدهم دون الأدم والكسوة لأنهما لا يضبطانه بصفة ولا يتقدران بقيمة فإن قدرهما الحاكم بقيمة جعلهما دراهم معلومة لم يصح ضمانها أيضًا لأنه وإن قومها فهي مقومة لوقتها دون المستقبل وقد تزيد القيمة في المستقبل فيكون للزوجة المطالبة بفضل القيمة وقد ينقص فيكون للزوج أن ينقصها من القيمة.
والثاني: أن يكون ضمانه لنفقة المعسر التي لا تسقط عن الزوج باختلاف أحواله وهي مدّ واحد من كل يوم فإن ضمن لها نفقة موسر وهي مدان أو نفقة متوسط وهي مد ونصف فالزيادة على نفقة المعسر قد تجب إن أيسر وقد لا تجب إن أعسر فصار ضمانها ضمان ما لم يجب فعلى هذا يكون الضمان فيما زاد عن المدّ في نفقة المعسر باطلًا وهل يبطل في المدّ الذي هو نفقة المعمر أم لا؟ على قولين من تفريق الصفة، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "وكذلك لو قال ضمنت لك ما داينت به فلانًا أو ما وجب لك عليه لأنه ضمن ما لم يكن وما يجهل".
قال في الحاوي: وهذه مسألة من الضمان أوردها المزني هاهنا لأنه أصل يبني عليه ضمان النفقة.